ونقلُ المنعِ عن إمام السنة الشيخ أبي الحسن الأشعري. . كذبٌ، عليه؛ كما قاله الأستاذ أبو القاسم القشيري.
على أنه يقِلُّ أن يُرى مقلدٌ في الإيمان باللَّه تعالى؛ لأنا نجد كلام العوام محشوًا بالاستدلال بوجود هذا العالم على وجوده تعالى وصفاته من نحو العلم والإرادة والقدرة، وليس هذا تقليدًا؛ إذ هو أن يسمع مَنْ نشأ بقُلة جبلٍ الناسَ يقولون: للخلقِ ربٌّ خلقهم وخلَقَ كلَّ شيءٍ من غير شريكٍ له، ويستحقُّ العبادة عليهم، فيجزم بذلك؛ إجلالًا لهم عن الخطأ، وتحسينًا للظن بهم، فإذا تمَّ جزمه بأن لم يُجوِّز نقيضَ ما أخبروا به. . فقد حصل واجب الإيمان وإن فاته الاستدلال؛ لأنه غير مقصودٍ لذاته، بل للتوصل به للجزم وقد حصل.
وقضية هذا التعليل: أنه لا يعصي بتركه الاستدلالَ؛ لما تقرر من حصول المقصود بالذات بدونه، لكن نقل بعضهم الإجماع على تأثيمه بتركه.
ووجهه: أن جزمه حينئذٍ لا ثقة به؛ إذ لو عرضت له شبهةٌ. . فات وبقي متردِّدًا، بخلاف الجزم الناشئ عن الاستدلال لا يفوت بذلك.
ومما يَرِد أيضًا على زاعم بطلان إيمان المقلد: أن الصحابة رضوان اللَّه عليهم فتحوا أكثر بلاد العجم، وقَبِلوا إيمان عوامِّهم كأجلاف العرب، وإن كان تحت السيف، أو تبعًا لكبيرٍ منهم أَسْلَمَ، ولم يأمروا أحدًا منهم أسلم بترديد نظرٍ، ولا سألوه عن دليل تصديقه، ولا أرجؤوا أمره حتى ينظر، والعقل في نحو هذا يجزم بعدم وقوع الاستدلال منهم؛ لاستحالته حينئذ، فكان ما أطبقوا عليه ليلًا أيَّ دليلٍ على صحة إيمان المقلد.
وخلاف الباقلاني والإسفراييني وأبي المعالي في أول قوليه تبعوا فيه ما ابتدعه المعتزلة، وأحدثوا القول به بعد انقضاء أئمة السلف، ومن المحال -قيل: والهذيان- أن يُشترط لصحة الإيمان ما لم يعرفوه وهُمْ مَنْ هُمْ فهمًا عن اللَّه عز وجل، وأخذًا عن رسوله، وتبليغًا لشريعته، واتباعًا لسنته وطريقته.
وأما البراهين التي حررها المتكلمون، ورتبها الجدليون. . فإنما أحدثها