للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن ثَمَّ صح: "لا تقوم الساعة حتى يكون أسعد الناس بالدنيا لكع بن لكع" (١) أي: لئيم بن لئيم.

وصح أيضًا: "من أشراط الساعة أن توضع الأخيار وترفع الأشرار" (٢).

وقد بالغ صلى اللَّه عليه وسلم في روايةٍ في تحقيرهم، فوصفهم بأنهم صمٌّ بكمٌ (٣)؛ أي: جهلةٌ رَعَاع، لم يستعملوا أسماعهم ولا ألسنتهم في علمٍ ونحوه من أمر دينهم، فلعدم حصول ثمرتي السمع واللسان صاروا كأنهم عدموهما؛ ومن ثَمَّ قال اللَّه تعالى في حقهم: {أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ} قيل: فيه دليلٌ لكراهة تطويل البناء. اهـ (٤)

وفي إطلاقه نظر، بل الوجه: تقييد الكراهة -إن سُلِّمت؛ لما يأتي لا لهذا، فقد مر أن جَعْلَ الشيء من أمارات الساعة لا يقتضي ذمه- بما لا تدعو الحاجة إليه، وعليه يحمل خبر: "يؤجر ابن آدم على كل شيءٍ إلا ما يضعه في هذا التراب" (٥).

وخبر أبي داوود: أنه صلى اللَّه عليه وسلم خرج فرأى قُبةً مشرِفةً، فقال: "ما هذه؟ " قالوا: هذه لرجلٍ من الأنصار، فجاء فسلَّم على النبي صلى اللَّه عليه وسلم، فأعرض عنه، فعل ذلك مرارًا، فهدمها الرجل (٦).

وخبر الطبراني: "كل بناءٍ -وأشار بيده هكذا على رأسه- أكثر من هذا فهو وبالٌ" (٧).

وأخرج ابن أبي الدنيا عن عمار بن أبي عمار قال: (إذا رفع الرجل بناءه فوق سبعة


(١) أخرجه الترمذي (٢٢٠٩)، والإمام أحمد (٥/ ٣٨٩) عن سيدنا حذيفة بن اليمان رضي اللَّه عنهما.
(٢) أخرجه الحاكم (٤/ ٥٥٤) عن سيدنا عبد اللَّه بن عمرو رضي اللَّه عنهما بنحوه.
(٣) وهي رواية الإمام محمد بن نصر المروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (٣٦٧) عن سيدنا عبد اللَّه بن عمر رضي اللَّه عنهما من حديث طويل؛ واللفظ فيه: "وأن ترى الصم البكم العمي رعاء الشاء يتطاولون البناء ملوك الناس. . . ".
(٤) قوله: (الكراهة تطويل البناء) أي: كراهة تنزيه؛ لأنه متى أُطلقت الكراهة. . فالمراد بها ذلك. اهـ "مدابغي"
(٥) أخرجه البخاري (٥٦٧٢)، والترمذي (٢٤٨٣) عن سيدنا خباب رضي اللَّه عنه بنحوه.
(٦) انظر "سنن أبي داوود" (٥٢٣٧) عن سيدنا أنس رضي اللَّه عنه.
(٧) المعجم الأوسط (٣١٠٥) عن سيدنا أنس رضي اللَّه عنه.

<<  <   >  >>