فأداروا عليها حكم الوَلَدية، وهو مستلزمٌ لحرمة الإسقاط، ولا ينافيها عدمُ انقضاء العدة بها، وعدم ثبوت الاستيلاد عندنا؛ لأنا وإن منعنا تسميتها ولدًا وحملًا كما يأتي، لا نمنع حرمة إسقاطها؛ لما قررته عند عدم انقضاء العدة بها آنفًا بقولي:(وهو يغلب على الظن. . . إلخ).
فإن صارت مضغة، وشهد أربع قوابل بتصويرها، أو بأنها أصل آدمي، ولم يتشككن فيه. . انقضت بها العدة، بخلاف أُمِّيَّة الولد، لا تثبت إلَّا بإلقاء صورةٍ ظاهرة التخطيط.
والفرق: أن مدار العدة على تحقُّق براءة الرحم، وهو متحققٌ بإلقاء المضغة المذكورة، ومدار أُمِّيَّة الولد على إلقاء ما يسمى ولدًا، وما لم يظهر التخطيط لا يسمى ولدًا، فإثباتُ المالكية انقضاء العدة، وأُمِّيَّة الولد بوضع العلقة فما فوقها بعيدٌ؛ إذ لا قرينة على الحمل حتى ترفع به العدة المحققة، واحتماله مع عدم القرينة لا أثر له، وأُمِّيَّة الولد لم تثبت إلَّا بوضع الولد، وهو لا يسمى ولدًا إلا إن ظهرت الصورة فيه، ولا يسمى حملًا إلا إن ظهر أو قامت عليه قرينة، فقبل ذلك لا يسماه، فلا يدخل في:{وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ} ونحوه، بل قيل: هذا الحديث يقتضي أنه لا يسمى ولدًا قبل أربعة أشهر؛ لأنه سماه قبلها نطفةً وعلقةً ومضغةً، ولا يُسمى شيءٌ من ذلك بولدٍ لغةً ولا عرفًا، فلا تثبت به أُمِّيَّة الولد.
ولا يقال: إنه مشتقٌّ من الولادة؛ وهي: الخروج من الرحم؛ لأنه يلزم عليه صيرورتها أمَّ ولدٍ بخروج النطفة، والقولُ به بعيدٌ عن دليل الشرع، وإنما صار بعض الفقهاء إلى صيرورتها أُمِّ ولدٍ بدون ما ذكرناه؛ حرصًا على عتقها، وتشوفًا إليه ولو بسببٍ ضعيفٍ. اهـ
ومنعُه تسميته ولدًا لغةً وعرفًا قبل الأربعة. . ممنوعٌ، بل حيث وجد ما شرطناه فيه آنفًا. . يسمى ولدًا عرفًا (١)؛ بخلاف النطفة، لا تسمى مطلقًا، وكذا العلقة، وضمانه بالجناية نظير ما مر في العدة.
وقال علي كرم اللَّه وجهه: (لا يضمن حتى تمضي عليه الأطوار السبعة المذكورة
(١) في بعض النسخ: (نسميه عرفًا)، وفي أخرى: (سمي به عرفًا) وفي غيرها غير ذلك.