للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولَ "المؤمنين") (١) وهي: السلالة، والنطفة، والعلقة، والمضغة، ثم العظام، ثم كسوَتها لحمًا، ثم إنشاؤها خلقًا آخر.

(فو) اللَّه (الذي لا إله غيره) (٢) فيه الحلف من غير استحلاف، ولا كراهة فيه إذا كان لعذر؛ كتأكيد أو ترهيب، أو تعجُّب أو تعجيب كما هنا؛ فإن العرب إذا تعجَّبت من شيء. . أقسمت عليه، وزاد (الذي. . . إلخ) لمناسبة المقام؛ فإنه تعالى المنفرد بالألوهية، المستلزمة لانفراده بخلق الأعمال من خيرٍ وشرٍّ، المعبَّر عنه فيما مر بالإيمان بالقدر، ومن ثَمَّ كان هذا المحلوف عليه مأخوذًا من آيات القدر؛ نحو: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}، {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا}، وأحاديثِهِ؛ كحديث محاجَّة آدم وموسى عليهما الصلاة والسلام (٣)، وحديث: "كلٌّ ميسرٌ لما خلق له" (٤)، وحديث: "اعملوا على مواقع القدر" (٥).

(إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون) بالرفع؛ لأن (ما) كفَّت (حتى) (٦) (بينه وبينها إلا ذراع) هو من باب التمثيل المقرر في علم البيان، فهو تمثيل للقرب من موته ودخوله عقبه إحدى الدارين؛ أي: ما بقي بينه وبين أن يصلها إلا كمن بقي بينه وبين مقصده ذراع.

(فيسبق عليه الكتاب) أي: المكتوب له في بطن أمه، مستندًا إلى سابق العلم الأزلي فيه، ويصح بقاؤه على مصدريته.


(١) أخرج نحوه ابن عبد البر في "الإستذكار" (٢٧٥٣٩).
(٢) هكذا في جميع النسخ بالجمع بين الجلالة وصفته، وعبارة المناوي: (فوالذي: صفة لمقسم به محذوف؛ أي: واللَّه الذي، وفي رواية "البخاري": "فواللَّه؛ إن أحدكم"، وفي رواية "ابن ماجه": "فوالذي نفسي بيده" انتهت، والفاء فصيحة. اهـ "مدابغي"
(٣) أخرجه البخاري (٣٤٠٩)، ومسلم (٢٦٥٢) عن سيدنا أبي هريرة رضي اللَّه عنه.
(٤) أخرجه البخاري (٧٥٥١)، ومسلم (٢٦٤٩) عن سيدنا عمران بن حصين رضي اللَّه عنهما.
(٥) أخرجه ابن حبان (٣٣٨)، والإمام أحمد (٤/ ١٨٦) عن سيدنا عبد الرحمن بن قتادة رضي اللَّه عنه بنحوه.
(٦) قوله: (بالرفع لأن "ما" كفت حتى) قلَّد في ذلك قول الشارح الفاكهاني: يتعين رفع (يكون) لأن (ما) نافية قطعت عمل (حتى) عنه. اهـ، وما زعمه من التعين ممنوعٌ، بل لا يصح؛ فقد قال الطييي في "شرح المشكاة": (حتى) هي الناصبة و (ما) نافية ولم تكف (حتى) عن العمل، فتكون منصوبة بـ (حتى). وأجاز غيره كون (حتى) ابتدائية. . . ونسبة النصب إلى (حتى) مجازية؛ لأن النصب بـ (أن) مضمرة بعدها كما في كتب النحو. اهـ "مدابغي"

<<  <   >  >>