للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بأسرها حلالٌ إلا الضارَّ، على أنه لا يختص بها، بل لو ضرَّ العسل بعض المحرورين. . حرم عليه أكله، والنبات كذلك، إلا ما زال الحياةَ كالسم، أو العقلَ كالخمر، وسائر المسكرات، والمخدرات؛ كالحشيشة، والأفيون، والبنج، وكذا جوزة الطيب، كما أفتيتُ به، ونقلت فيه نص أرباب المذاهب الثلاثة: الشافعية، والمالكية، والحنابلة، وأن ذلك هو مقتضى كلام الحنفية، فاشدد يديك على هذه الفائدة؛ لئلا تقع فيما وهم فيه كثيرون من أنه لا كلام فيها لأحد (١).

وأما الحيوان: فكل ما ورد النص على أكله. . فهو حلالٌ كالخيل؛ فقد صحَّتِ الأحاديث بأكلها، وبتحريم الحمر الأهلية، وتحريمُها -أعني الخيل- وتحليلُ النبيذ منابذٌ للسنة الصريحة، وكل ما ورد النص على عدم أكله. . فهو حرام، وما لا نص فيه. . يُرجَع إلى ذوي الطباع السليمة من العرب، فما استخبثوه. . حرامٌ، وما لا. . حلالٌ، وأكل النجس حرامٌ كاستعماله إلا لنحو اضطرارٍ أو تداوٍ؛ لجوازه بصِرْف سائر النجاسات إلا الخمر.

وإما لخللٍ في وضع اليد عليه (٢)؛ كالمأخوذ بنحو غصبٍ، أو سرقةٍ، أو عقدٍ فاسدٍ، أو نحو ذلك مما حظره الشرع، بخلافه بنحو عقدٍ صحيحٍ، أو إرثٍ، أو أخذٍ من مباحٍ، أو من غير معصوم، أو ممتنع من نحو زكاة، أو وفاء دَينٍ (٣)، فهذه كلها حلالٌ بيِّن.

(وبينهما أمور) (٤) أي: شؤون وأحوال (مشتبهاتٌ) جمع مشتبهٍ؛ وهو: كل ما ليس بواضح الحل والحرمة مما تنازعته الأدلة، وتجاذبته المعاني والأسباب، فبعضها يعضده دليل الحرام، وبعضها يعضده دليل الحلال، ومن ثَمَّ فسر أحمد وإسحاق وغيرهما المشتبه بما اختلف في حل أكله كالخيل، أو شربه كالنبيذ، أو لبسه كجلود السباع، أو كسبه كبيع العِينة (٥).


(١) انظر "الفتاوى الكبرى الفقهية" (٤/ ٢٢٩ - ٢٣٠).
(٢) قوله: (إما لخللٍ) عطف على قوله: (إما لمفسدة) كما عرف.
(٣) قوله: (أو وفاء دين) أي: أو ممتنع من وفاء دين بالنسبة للدائن. وفي عدة نسخ: (أو أداء دين).
(٤) قوله: (أمور) جُعلت متنًا في نسخ الشرح، وليست في نسخ المتن ولا في "الصحيحين"، فليتنبه.
(٥) قوله: (كبيع العِينة) بكسر العين المهملة، وسكون المثناة تحت؛ وهو: أن يبيع متاعًا بثمنٍ، ثم بعد أن يقبضه المشتري يبيعه لبائعه بأقل مما اشتراه به، وهو حلالٌ عندنا، حرامٌ عند الغير؛ لأنه من حيل الربا، فإن باعه لغير بائعه. . حل اتفاقًا. اهـ "مدابغي"

<<  <   >  >>