للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما لو تنحنح إمامه فظهر منه حرفان، فلا يفارقه؛ لأن الأصل: بقاء صلاته، ولعله معذور.

وما لو امتشط مُحرِمٌ فرأى شعرًا، وشك هل نتفه أو انتتف. . فلا فدية عليه؛ لأن النتف لم يتحقق، والأصل: براءة الذمة.

رابعها: ما ترجح فيه الظاهر على الأصح، وضابطه: أن يكون سببًا قويًا منضبطًا، فلو شك بعد الصلاة في ترك ركني غير النيَّة والتحرُّم، أو شرطٍ كأن تيقَّن الطهارة وشك في ناقضها. . لم تلزمه الإعادة؛ لأن الظاهر: مضي عبادته على الصحة، أو شك بعد فراغ (الفاتحة)، أو الاستنجاء، أو غسل الثوب: في بعض كلماتها، أو هل استجمر بحجرين أو ثلاث، أو هل استوعب الثوب (١). . لم يؤثر لذلك، ولو اختلفا في صحةِ عقدٍ صُدِّق مدعيها؛ لأن الظاهر: جريان العقود بين المسلمين على قانون الشرع، وفي تعارض الأصلين تارةً يجزم بأحدهما، وتارةً يجري خلافٌ ويرجح ما عضده ظاهرٌ أو غيره.

قال ابن الرفعة: ولو كان في جهةٍ أصلٌ، وفي أخرى أصلان. . قُدِّما جزمًا.

قال الإمام: وليس المراد بتعارضهما تقابلَهما على جهةٍ واحدةٍ في الترجيح؛ فإن هذا كلامٌ متناقض، بل المراد: التعارض بحيث يَتَخَيَّل الناظرُ في ابتداء نظره [تساويهما] (٢)، فإذا حقَّق فكره. . رجَّح.

(لا يعلمهنَّ كثيرٌ من الناس) أي: من حيث الحلُّ والحرمة لخفاء النص فيه؛ لكونه لم ينقله إلا القليل، أو لتعارض نصَّينِ فيه من غير معرفة المتأخر، أو لعدم نصٍّ


(١) فيه لفٌّ ونشرٌ مرتَّبٌ؛ فقوله: (في بعض كلماتها) عائدٌ على (الفاتحة)، و (أو هل استجمر. .) عائدٌ على الاستنجاء، و (أو هل استوعب. .) عائدٌ على غسل الثوب.
(٢) ليست في النسخ، ولا بد منها لتتضح العبارة، وهي مثبتةٌ من "المواهب السنية شرح منظومة الفوائد البهية في القواعد الفقهية" (١/ ٢٢٧) للعلامة عبد اللَّه بن سليمان الجرهزي رحمه اللَّه تعالى، حيث نقل فيه كلام الإمام هذا بنصه، قال العلامة ياسين الفاداني رحمه اللَّه تعالى في حاشيته على "المواهب السنية" المسماة: "الفوائد الجنية" (١/ ٢٢٧): (قوله: "تساويهما" أي: يظهر في خيال المجتهد عند بادئ أمره أن الأصلين متساويان) وهذا أولى من قول العلامة المدابغي رحمه اللَّه تعالى في "حاشيته" عليها: (قوله: "بحيث يتخيل الناظر" أي: التعارض) حيث لم تكن الزيادة في نسخته، واللَّه أعلم.

<<  <   >  >>