للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليها، كما مر بسطه، وفيه دليلٌ لقتل تاركها غير الجاحد لوجوبها (١)، وهو ما عليه أكثر العلماء؛ لأنه غيَّا الأمر بالقتال بفعلها، فما لم يفعلها. . فهو مقاتَل وجوبًا (٢)، ويلزم من قتاله قتله غالبًا أو احتمالًا، فدلَّ على جوازِ بل وجوبِ قتله، وسياقُ الحديثِ وإن كان في الكافر، لكن المسلم أَولى منه بذلك؛ لأنه تركها مع اعتقاده وجوبها، بخلاف الكافر، ومن ثم قضى المرتد بعد إسلامه ما فاته زمن ردته، بخلاف الكافر الأصلي، وأيضًا: الغاية هنا في معنى الشرط، وحينئذٍ فكفُّ القتال مشروطٌ بالشهادتين، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والمشروط ينتفي بانتفاء أحد شروطه، فإذا انتفى فعل الصلاة. . وجد القتال المقتضي لجواز، بل وجوب القتل كما مر.

(و) حتى (يؤتوا الزكاة) إلى مستحقيها، ومثلها في قتال الممتنعين منها بقيةُ شرائع الإسلام، وإنما لم نقل بأن تاركها يقتل وإن قال به جماعة؛ لأنه إن امتنع. . أمكن تخليصها منه بالقتال، وإلَّا. . أمكن تخليصها بلا قتال، فلم يجز القتل هنا حينئذ؛ إذ لا ضرورة إليه، بخلافه في تارك الصلاة؛ لأنه إذا امتنع. . لم يمكن استيفاؤها منه، فغلظت عقوبته بالقتل ما لم يتب بأن يصلي.

(فإذا) آثرها على (إنْ) مع أن المقام لها (٣)؛ لأن فعلهم متوقعٌ؛ لأنه علم إجابة بعضهم فغلَّبهم لشرفهم، أو تفاؤلًا، نحو: غفر اللَّه لك.

(فعلوا ذلك) جميعه؛ أي: أتوا به: قولًا كان وهو الشهادتان، أو: فعلًا وقولًا وهو الصلاة، أو: فعلًا محضًا وهو الزكاة، (عصموا) منعوا وحفظوا، ومنه: اعتصمت باللَّه؛ أي: امتنعت بلطفه من معصيته، والعصام: ما يربط به فم القِربة لمنعه سيلان مائها.

(منِّي دماءهم وأموالهم) وهي: كل ما صح إيراد نحو البيع عليه، وأُريد بها هنا


(١) قوله: (لقتل تاركها) أي: على قتل، فاللام بمعنى (على) أو المراد: فيه دليل لقول من قال بقتل تاركها. اهـ هامش (غ)
(٢) قوله: (فما لم يفعلها) ما: مصدرية ظرفية؛ أي: فمدة عدم الفعل فهو مقاتَلٌ.
(٣) أي: آثر (إذا) بن الاستعمال على (إنْ).

<<  <   >  >>