للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وباستحضار خوف اللَّه تعالى (١)، كما حكي أن مَلِكًا كتب في ورقةٍ: ارحم من في الأرض يرحمك من في السماء -أي: أمره وسلطانه وملائكته- ويلٌ لسلطان الأرض من سلطان السماء، ويلٌ لحاكم الأرض من حاكم السماء، اذكرني حين تغضب أذكرك حين أغضب. ثم دفعها إلى وزيره وقال: إذا غضبتُ. . فادفعها إليَّ، فكان كلما غضب. . دفعها إليه، فينظر فيها فيسكن غضبه.

وبأن يستعيذ باللَّه من الشيطان الرجيم؛ كما جاء في الحديث الصحيح: إنه يذهبه، وسره: أنه جاء في الحديث: "إن الغضب من الشيطان" (٢) لأنه الذي يحمل الإنسان عليه ليرديه ويغويه ويباعده من نِعَم اللَّه عز وجل؛ فالاستعاذة باللَّه تعالى من أقوى سلاح المؤمن على دفع كيد الشيطان ومكره، أعاذنا اللَّه تعالى منه بمنِّهِ وكرمه.

وروى الشيخان: استبَّ رجلان عند النبي صلى اللَّه عليه وسلم وأحدهما يسبُّ صاحبه مغضَبًا قد احمرَّ وجهه، فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم: "إني لأعلم كلمةً لو قالها. . لذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ باللَّه من الشيطان الرجيم" فقالوا للرجل: أما تسمع ما يقول النبي صلى اللَّه عليه وسلم؟! قال: إني لستُ بمجنون (٣).

والرافع يحصل بذلك أيضًا، وبتغيير الحالة التي هو عليها؛ كما ورد في حديث: "إذا غضب أحدكم وهو قائمٌ. . فليقعد، وإذا غضب وهو قاعد. . فليضطجع" (٤).

وروى أحمد وأبو داوود: "إذا غضب أحدكم وهو قائم. . فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب؛ وإلَّا. . فليضطجع" (٥)، وسرُّه: أن القائم متهيئٌ للانتقام، والجالس دونه، والمضطجع دونهما، ويؤيده الرواية السابقة: "فإذا أحسَّ أحدكم" والتي قبلها.

وأخرج أحمد: "إذا غضب أحدكم. . فليسكت" (٦) قالها ثلاثًا، وهذا أيضًا دواءٌ


(١) عطف على قوله قبل قليل: (فالدافع يحمل بذكر فضيلة الحلم).
(٢) أخرجه أبو داوود (٤٧٨٤)، والإمام أحمد (٤/ ٢٢٦) عن سيدنا عطية السعدي رضي اللَّه عنه.
(٣) صجح البخاري (٦١١٥)، وصحيح مسلم (٢٦١٠) عن سيدنا سليمان بن صرد رضي اللَّه عنه.
(٤) ذكر نحوه الحافظ السيوطي في "الدر المنثور" (٢/ ٣٢٠) وعزاه للبيهقي.
(٥) مسند الإمام أحمد (٥/ ١٥٢)، وسنن أبي داوود (٤٧٨٢) عن سيدنا أبي ذر رضي اللَّه عنه.
(٦) مسند الإمام أحمد (١/ ٢٣٩) عن سيدنا ابن عباس رضي اللَّه عنهما.

<<  <   >  >>