للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والتابعي: هو الذي رأى صحابيًا وجالسه، والفرق: أن اجتماع لحظةٍ معه صلى اللَّه عليه وسام تُفيد مَنْ حصلت له مِن انشراح الصدر، وحقائق القرب، وغرائب العلم والحكمة؛ كما هو مشاهدٌ في الصحابة ما لا يفيد عُشْرَ معشارها صحبةُ غيره -وإن جلَّ قدره واتسع علمه- سنين.

واعلم: أن الذي عليه معظم أهل الحق والسُّنة أن الصحابة كلَّهم عدولٌ، لأن اللَّه تعالى زكَّاهم وشهد لهم بالصدق والنجاة في آيٍ كثيرةٍ من كتابه العزيز، وقد بسطتُ ذلك بأدلته الواضحة الجلية في كتابي "الصواعق المحرقة لإخوان الشياطين والابتداع والضلال والزندقة" فانظره؛ فإنه مهمٌّ، وما أظن أنه صُنِّف مثله في بابه من إثبات حقيَّه خلافة الصديق رضي اللَّه تعالى عنه وفروعها من خلافة عمر، ثم عثمان، وإمارة علي (١)، ثم الحسن رضي اللَّه تعالى عنهم، وإثبات فضائلهم على هذا الترتيب، واستقصاء ما ورد منها، ثم فضائل أهل البيت، وما اختصوا به، وما امتُحِنوا به، مستقصاةً أتم استقصاءٍ، ثم فضائل الصحابة، وحكم ما جرى بينهم، واختلاف الناس في يزيد، وما يتعلَّق بأطراف ذلك مما ينشرح له الصدر، وتقرُّ به العين، أسأل اللَّه تعالى قبوله، آمين.

(رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قالوا للنبي) بالهمز من (النبأ) وهو الخبر؛ لأن النبي مخبرٌ عن اللَّه تعالى (٢)، وبتركه من (النبا) مسهَّلًا (٣)، أو من (النَّبْوَة)، وهي الرفعة؛ لأن النبي مرفوع الرتبة على غيره، والنبوة أعم من الرسالة، والرسالة أفضل منها، كما مرَّ تحقيق ذلك أول الكتاب (٤).

(صلى اللَّه عليه وسلم: يا رسول اللَّه؛ ذهب أهل الدثور) بضم الدال وبالمثلثة،


(١) في (غ): (وخلافة علي) وقال العلامة المدابغي رحمه اللَّه تعالى: قوله: (وإمارة علي) الظاهر: أن التعبير بالإمارة بعد الخلافة تفنن، فليتأمل.
(٢) قوله: (مخبِر) بكسر الباء: اسم فاعل، أو مخبَر بفتحها اسم مفعول؛ لأنه أخبره جبريل. اهـ هامش (ج)
(٣) قال الشيخ الشبرخيتي رحمه اللَّه تعالى في "الفتوحات الوهبية" (ص ٢١٩): (ونهيه صلى اللَّه عليه وسلم عن المهموز بقوله: "لا تقولوا: يا نبيء اللَّه -بالهمز- بل قولوا: يا نبي اللَّه" أي: بلا همز؛ لأنه قد يرى بمعنى الطريق، فخشي صلى اللَّه عليه وسلم في الابتداء سبق هذا المعنى إلى بعض الأذهان، فنهاهم عنه، فلما قوي إسلامهم، وتواترت به القراءات. . نُسخ النهي عنه؛ لزوال سببه).
(٤) انظر ما تقدم (ص ٨٤).

<<  <   >  >>