للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الياء، وقيل: جمع (١) - عظام الكف والأصابع والأرجل، وأُريد بها هنا جميع عظام الجسد ومفاصله بقرينة خبر مسلم الآتي وغيره: "خلق الإنسان على ستين وثلاث مئة مَفْصِل" ففي كل مَفصِلٍ صدقةٌ.

(من الناس عليه) ذكَّره وإن كان السلامى مؤنثة باعتبار العضو أو المَفصِل، لا لرجوعه لكلٍّ كما قيل به؛ لأنها بحسب ما تضاف إليه، وهي هنا أُضيفت لمؤنث، فلو رجع إليها. . لأُنِّث.

(صدقة (٢)، كلَّ يوم تطلُع فيه الشمس) في مقابلة ما أنعم اللَّه تعالى به على الإنسان في خلق تلك السلاميات من باهر النَّعم ودوامها، الذي هو نعمةٌ أخرى أشير إليها بقوله: "كل يوم. . . إلخ".

ومما يزيد العبد تيقظًا لنعمة الدوام عليه: استحضاره أنه تعالى قادرٌ على سلب نعمة الأعضاء عن عبده في كل يوم، وهو في ذلك عادلٌ في حكمه، فعفوه عن ذلك وإدامة العافية عليه صدقة توجب الشكر دائمًا بدوامها (٣).

ومما يزيده تيقظًا أيضا لتلك النِّعم حتى يبالغ في أداء شكرها: أنه ينظر في خَلْق نفسه وما انطوى عليه من العجائب؛ فإنه حينئذٍ يظهر له أنه لو فقد عظمًا واحدًا منها. . اختلَّت عليه حياته كما لو زاد، وأنه لا صنع له في شيءٍ من ذلك، وأنها ما بين طويلٍ وقصيرٍ، ودقيقٍ وغليظٍ، وأنه لو غُيِّرَ واحدٌ منها عمَّا هو عليه. . لاختلَّ نفعه، فإذا أصبح وقد أعطي لين الحركة؛ لما أتقن فيه من تركيب العظام، وجعلها جسمًا صلبًا لا يضعف منه أنبوب ساقيه عن حمل بدن نفسه وبقية جملة البدن، ولا عظم زنده عن إقلال ما يرفعه بيده (٤)، ولا عظام أضلاعه عن وقاية حشاه، ولا عظم يافوخه عن


(١) قوله: (وقبل: جمعٌ) بالتنوين، أي: إن سلامى مفردٌ، وجمعه سلاميات، وقيل: سلامى جمعٌ؛ أي: ومفرد، فهو مما استوى واحده وجمعه. اهـ "مدابغي"
(٢) قال العلماء: المراد: صدقة ندبٍ وترغيب، لا إيجاب والتزام. اهـ هامش (غ)
(٣) قال بعض السلف: النِّعم وحشية فقيدوها بالشكر، وفي الخبر: (ما عظمت نعمة اللَّه على عبدٍ إلا كثرت حوائج الناس إليه، فمن تهاون بهم. . عرَّض نلك النعمة للزوال) اهـ هامش (غ)
(٤) الزند: مفصل طرف الذراع كان الكف، وهما زندان: الكوع والكرسوع. اهـ هامش (غ)

<<  <   >  >>