للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طلاقة الوجه، وكفُّ الأذى، وبذل الندى، وأن يحب للناس ما يحب لنفسه، وهذا يرجع إلى تفسير بعضهم له: بأنه الإنصاف في المعاملة، والرفق في المجادلة، والعدل في الأحكام، والبذل والإحسان في اليسر، والإيثار في العسر، وغير ذلك من الصفات الحميدة.

ومن ثم قال العلماء: البر يكون بمعنى الصلة، وبمعنى الصدق، وبمعنى اللطف، والمبرَّة، وحسن العشرة، والصحبة، ولين الجانب، واحتمال الأذى، وبمعنى الطاعة بسائر أنواعها، ومنه قوله تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}. . . إلى قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} وهذه الأمور كلها هي مجامع حسن الخلق.

وقد أشار تعالى إليها في آياتٍ من كتابه العزيز؛ نحو: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ}. . . إلى: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا}، {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ}. . . إلى: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}، {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ}. . . إلى: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ}، {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا}. . . إلى آخر السورة.

فمن أشكل عليه حاله. . فليَعرضْ نفسه على هذه الآيات، فوجودُ جميع ما فيها من الأوصاف علامةٌ على حسن الخلق، وفقده علامةٌ على سوء الخلق، ووجود بعضه علامة على أن فيه من الحسن بحسب ما عنده، ومن السوء بحسب ما فقده، فليعتنِ بتحصيله؛ ليفوز بسعادة الدارين.

وإذا قرن البر بالتقوى كما في قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}. . فسَّر البِرَّ بمعاملة الخلق بالإحسان، والتقوى بمعاملة الحق، أو البر بفعل الواجبات، والتقوى باجتناب المحرمات.


= عليه وسلم حين جعلت رجلي في الغرز -يعني الركاب- أن قال: "حسِّن خلقك مع الناس يا معاذ". وعن عائشة رضي اللَّه تعالى عنها أنها قالت: إن حسن الخلق، وحسن الجوار، وصلة الرحم تعمر الديار، وتزيد في الأعمار ولو كان القوم فجارًا. . .) إلا أن الحديث ليس عند الترمذي بل رواه القضاعي في "مسند الشهاب" (٩٨٦) عن الحسن عن الحسن عن الحسن بن أبي الحسن عن الحسن، الأول: ابن سهل، والثاني: ابن دينار، والثالث: البصري، والرابع: ابن سيدنا علي رضي اللَّه عنهم.

<<  <   >  >>