للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بذهاب حملته؛ كما في حديث "الصحيحين" (١)، ولا يبقى إلا القرآن في المصاحف لا يعرف الناس منه شيئًا، ثم يرفع، ثم تقوم الساعة على شرار الناس، وليس منهم من يقول: اللَّه، اللَّه؛ كما في الحديث (٢).

(وما اجتمع قوم) هم الرجال فقط، أو مع النساء على ما مر فيه من الخلاف، وعلى كلا القولين فالظاهر: أن المراد هنا الثاني؛ لِمَا استقر من اشتراك الفريقين في التكليف، فيحصل لهنَّ الجزاء الآتي باجتماعهن لا بحضرة أجانب لذكرٍ أو تلاوةٍ، ويصح أن يراد الأول؛ لأن هذا الاجتماع بالهيئة الآتية في المسجد -بناء على أن ذكره في الحديث للتقييد، لكن التحقيق خلافه- لا يشرع للنساء.

وحكمة التنكير هنا: إفادة حصول الثواب لكل قومٍ اجتمعوا كذلك من غير اشتراط وصفٍ خاصٍّ فيهم؛ كزهدٍ، أو صلاحٍ، أو علمٍ.

(في بيت من بيوت اللَّه) (٣) أي: مسجد، وألحق به نحو رباطٍ ومدرسةٍ؛ لإطلاق الاجتماع في حديث آخر، فيتناول سائر المواضع، وحينئذٍ فالتقييد بالمسجد للغالب سيما في ذلك الزمان، فلا يعمل بمفهومه.

(يتلون كتاب اللَّه ويتدارسونه بينهم) (٤) فيه فضيلة الاجتماع على تلاوة القرآن والذكر في المسجد (٥)، وهو مذهب الجمهور، ويدل له خبر "الصحيحين":


(١) انظر "صحيح البخاري" (١٠٠)، و"مسلم" (٢٦٧٣) عن سيدنا عبد اللَّه بن عمرو رضي اللَّه عنهما.
(٢) أخرجه مسلم (١٤٨) عن سيدنا أنس رضي اللَّه عنه.
(٣) في بعض النسخ زيادة فى المتن كلمة: (تعالى).
(٤) أي: حق تلاوته: بألَّا يشتمل على لحنٍ، ولا على ترك بعض أحكامه التجويدية، وبشرط ألَّا يشمل مجلسهم على نحو غيبةٍ؛ كنميمةٍ وسبٍّ ونحو ذلك، وألَّا يشتمل على ذكر الدنيا، ولا فرق بين من كان يفهم المعنى أو لا، بخلاف سائر الأذكار فإنه لا بد في حصول الثواب فيها من فهم المعنى، وسيأتي ذلك في الحديث الآتي. اهـ هامش (ج)
(٥) سئل ابن حجر رحمه اللَّه عن حلق الذكر في المسجد هل هو مكروه أم لا؟ فأجاب: بأنه لا كراهة فيه، ثم إن بعض الأحاديث دالٌّ على أن الجهر بالذكر أفضل من السر، وبعضها بالعكس، وجمع بينهما كما جمع النووي بين أحاديث الجهر والسر في القراءة بأنه إن خاف نحو رياءٍ أو تأذَّى به نحو مصلٍّ أو نائمٍ. . فالسر أفضل، وإلَّا. . فالجهر أفضل؛ لأنه يوقظ قلبه، ويجمع همه، ويصرف سمعه إليه، ويطرد نومه، ويزيد نشاطه، وينتفع به السامعون، وقوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ} أجيب عنه بأن الآية مكية، وتفسير الاعتداء في: =

<<  <   >  >>