للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورغب، وترك الطاعة، وتكاسل عن التوبة، وقسا قلبه؛ لنسيانه الآخرة ومقدماتها (١) من الموت وما بعده من الأهوال، وإنما رقة القلب وصفاؤه بذكر ذلك؛ قال تعالى: {فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ}، {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}.

وجاء عن ابن مسعود رضي اللَّه تعالى عنه قال: خطَّ النبي صلى اللَّه عليه وسلم خطًا مربعًا، وخطَّ خطًا في الوسط، وخطَّ خطًا خارجًا، وخط خطوطًا صغارًا إلى هذا الذي في الوسط من حواليه فقال: "هذا الإنسان -يعني الخطَّ الذي في الوسط- وهذا أجله محيطٌ به، وذاك أمله خارج الخط، وقد حالَ الأجل بينه وبين أمله، وهذه المخطوط الصغار الأعراض، فإن أخطأه هذا. . نهشه هذا، وإن أخطأه هذا. . نهشه هذا، وإن أخطأتْهُ كلُّها. . أصابه الهرم" (٢).

وهذا صورته:

[صورة]

وقال أنس رضي اللَّه تعالى عنه: خطَّ النبي صلى اللَّه عليه وسلم خطوطًا فقال: "هذا الإنسان، وهذا الأمل، وهذا الأجل، فبينما هو كذلك. . إذ جاءه الخط الأقرب" (٣) وهو أجله المحيط به.

وهذا تنبيهٌ منه صلى اللَّه عليه وسلم على تقصير الأمل، واستشعار الأجل خوف بغتته، ومن غُيِّب عنه أجله. . فهو حريٌّ بتوقعه وانتظاره خشية هجومه عليه في حال


(١) في (أ) و (غ): (لنسيانه الآخرة ومقاماتها)، وفي (ز): (ومقاساتها).
(٢) أخرجه البخاري (٦٤١٧)، والترمذي (٢٤٥٤)، وابن ماجه (٤٢٣١) عن سيدنا عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه، والجزء الأخير منه أخرجه الترمذي (٢٤٥٦) عن سيدنا عبد اللَّه بن الشخير رضي اللَّه عنه.
(٣) أخرجه البخاري (٦٤١٨).

<<  <   >  >>