للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه وسلم ما قال أبو بكرٍ، ولم يَهْوَ ما قلت) (١).

وجمعه أهواء، وجمع الممدود -وهو: ما بين السماء والأرض وكلِّ متجوف- أهويةٌ.

(تبعًا لما جئت به) من هذه الشريعة المطهَّرة الكاملة؛ بأن يميل قلبه وطبعه إليه كميله لمحبوباته الدنيوية التي جُبل على الميل إليها من غير مجاهدةٍ، وتصبُّرٍ، واحتمال مشقة، أو بعض كراهةٍ ما، بل يهواها كما يهوى المحبوبات المشتهيات؛ إذ من أحب شيئًا. . أتبعه هواه، ومال عن غيره إليه، ومن ثم آثر صلى اللَّه عليه وسلم التعبير بذلك على نحو: حتى يأتمر بكل ما جئت به؛ لأن المأمور بالشيء قد يفعله اضطرارًا.

واعلم: أن الهوى يميل بالإنسان بطبعه إلى مقتضاه، ولا يقدر على جعله تبعًا لما جاء به صلى اللَّه عليه وسلم إلا كل ضامرٍ مهزولٍ (٢).

(حديث صحيح رويناه في كتاب "الحجة) في اتباع المحجَّة" في عقيدة أهل السنة؛ لتضمنه ذكر أصول الدين على قواعد أهل الحديث، وهو كتابٌ جيدٌ نافعٌ، وقدره كـ "التنبيه" مرةً ونصفًا تقريبًا، ومؤلفه هو العلامة أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ، كذا قاله بعضهم، وخالفه غيره فقال: إنه أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي الفقيه الشافعي الزاهد نزيل دمشق (٣).

(بإسناد صحيح) قال بعضهم: هو كما قال، وبيَّن ذلك، ويؤيده: أن الحافظ أبا نعيم أخرجه في "كتاب الأربعين" التي شرط أولها: أن تكون من صحاح الأخبار وجياد الآثار، ومما أجمع الناقلون على عدالة ناقليه.


(١) أخرجه مسلم (١٧٦٣).
(٢) تشبيهًا له بِجَمَل أهزلَه وأضمره كثرةُ السير والسفر بجامع حصول التعب للعابد كالتعب الحاصل للجمل، وكثرة الصبر عن اللذات والشهوات. اهـ هامش (ج)
(٣) وهذا القول هو الذي اقتصر عليه الإمام النووي رحمه اللَّه تعالى في "تهذيب الأسماء واللغات" (٢/ ١٢٥ - ١٢٦) حيث قال: (وله مصنفات كثيرة في المذهب وغيره، فعندي من مصنفاته كتاب "الحجة على تارك المحجة" سمعته عن ابن الأنباري. . .) وذكر سنده إلى المؤلف. وكذا ذكره الحافظ الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (١٩/ ١٣٦).

<<  <   >  >>