للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استوفيت بيانها مع ما يتعلَّق بها بما لا مزيد على بسطه واستيعابه وتحقيقه في "شرح العباب" وغيره، وقدمتُ من ذلك نبذةً في شرح (الحديث العاشر) (١).

ومن أعظم شرائطه: حضور القلب، ورجاء الإجابة من اللَّه تعالى؛ لخبر الترمذي: "ادعوا اللَّه وأنتم موقنون بالإجابة؛ فإن اللَّه لا يقبل دعاءً من قلبٍ غافل" (٢)، وخبر أحمد: "إن هذه القلوب أوعية، فبعضها أوعى من بعض، فإذا سألتم اللَّه تعالى. . فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة؛ فإن اللَّه تعالى لا يستجيب لعبدٍ دعاءً عن ظهر قلبٍ غافلٍ" (٣)؛ ولذا نهي العبد أن يقول في دعائه: (اللهم؛ اغفر لي إن شئت، ولكن ليعزم المسألة، فإن اللَّه تعالى لا مكره له) (٤).

ونهي أن يستعجل ويترك الدعاء لاستبطاء الإجابة (٥)، وإنما جعل ذلك من موانع الإجابة؛ حتى لا يقطع العبد دعاءه وإن أبطأت عليه الإجابة؛ لأنه تعالى يحب الملحِّين في الدعاء (٦)، وأخرج الحاكم في "صحيحه": "لا تعجزوا عن الدعاء؛ فإنه لن يهلك مع الدعاء أحد" (٧).

ومن أهم ما يسأل مغفرةُ الذنوب أو ما يستلزمها؛ كالنجاة من النار، أو دخول الجنة؛ فقد قال صلى اللَّه عليه وسلم: "حولها ندندن" (٨) يعني: حول سؤال الجنة والنجاة من النار.

ومن رحمة اللَّه تعالى بعبده أن يدعوه لحاجةٍ دنيويةٍ فلا يستجيبها له، بل يعوضه


(١) انظر ما تقدم (ص ٢٩١).
(٢) سنن الترمذي (٣٤٧٩) عن سيدنا أبي هريرة رضي اللَّه عنه.
(٣) مسند الإمام أحمد (٢/ ١٧٧) عن سيدنا عبد اللَّه بن عمر رضي اللَّه عنهما.
(٤) أخرجه البخاري (٦٣٣٩)، ومسلم (٢٦٧٩) عن سيدنا أبي هريرة رضي اللَّه عنه.
(٥) أخرجه البخاري (٦٣٤٠)، ومسلم (٢٧٣٥) عن سيدنا أبي هريرة رضي اللَّه عنه.
(٦) أخرجه القضاعي في "مسند الشهاب" (١٠٦٩) عن أم المؤمنين سيدتنا عائشة رضي اللَّه عنها.
(٧) المستدرك (١/ ٤٩٣) عن سيدنا أنس رضي اللَّه عنه.
(٨) أخرجه أبو داوود (٧٩٢)، وابن ماجه (٩١٠) عن سيدنا أبي هريرة رضي اللَّه عنه. وقوله: (ندندن) أي: نصوت ونكثر من الدعاء، قاله صلى اللَّه عليه وسلم لسائله حيث قال له: إني أسأل اللَّه الجنة كثيرًا، فقال له: "نعم؛ حولها ندندن" اهـ هامش (ج)، والدندنة: أن تسمع من الرجل كلامًا ولا تفهم ما يقول. اهـ هامش (غ).

<<  <   >  >>