للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكان بعيدا. (وترتيب حكم على وصف) كأكرم العلماء فترتيب الإكرام على العلم لو لم يكن لعلية العلم له لكان بعيدا (ومنعه) أي الشارع (مما قد يفوّت المطلوب) كقوله تعالى {فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع} فالمنع من البيع وقت نداء الجمعة الذي قد يفوّتها لو لم يكن لمظنة تفويتها لكان بعيدا.

وهذه الأمثلة أسلم ما اتفق على أنه إيماء وهو أن يكون الوصف والحكم ملفوظين وخرج بالملفوظ أي فعلاً أو قوّة الوصف المستنبط فليس اقترانه بالحكم إيماء قطعا إن كان الحكم مستنبطا أيضا، وإلا فليس بإيماء في الأصح بخلاف عكسه وهو الوصف الملفوظ والحكم المستنبط له فإنه كما علم إيماء في الأصحّ تنزيلاً للمستنبط منزلة الملفوظ، وفارق ما قبله باستلزام الوصف الحكم فيه بخلاف ما قبله لجواز كون الوصف أعم مثاله قوله تعالى {وأحلّ الله البيع} فحله مستلزم لصحته. ومثال ما قبله تعليل حكم الربويات بالطعم أو غيره والنزاع كما قال العضد لفظي مبني على تفسير الإيماء، وأما مثال النظير فكخبر الصحيحين أن امرأة قالت يا رسول الله. إن أمي ماتت وعليها صوم نذر أفأصوم عنها؟ فقال «أرأيت لو كان على أمك دين فقضيته أكان يؤدّى ذلك عنها» ؟ قالت نعم. قال «فصومي عن أمك» أي فإنه يؤدّى عنها سألته عن دين الله على الميت وجواز قضائه عنه فذكر لها دين الآدمي عليه، وأقرها على جواز قضائه عنه وهما نظيران، فلو لم يكن جواز القضاء فيهما لعلية الدين له لكان بعيدا. (ولا تشترط) في الإيماء (مناسبة) الوصف (المومي إليه) للحكم (في الأصحّ) بناء على أن العلة بمعنى المعرف، وقيل تشترط بناء على أنها بمعنى الباعث، وقيل وهو مختار ابن الحاجب تشترط إن فهم التعليل منها كقوله صلى الله عليه وسلّم «لا يقضي القاضي وهو غضبان» . لأن عدم المناسبة فيما شرط فيه لمناسبة تناقض، بخلاف ما إذا لم يفهم منها لأن التعليل يفهم من غيرها. قال المصنف في شرح المختصر تبعا للعضد والمراد من المناسبة ظهورها، وأما نفسها فلا بد منها في العلة الباعثة دون الأمارة المجردة ومرادهما بالعلة الباعثة العلة المشتملة على حكمه تبعث على الامتثال.

(الرابع) من مسالك العلة (السبر) وهو لغة الاختبار (والتقسيم) وهو إظهار الشيء الواحد على وجوه مختلفة. (وهو) أي ما ذكر من السبر والتقسيم اصطلاحا (حصر أوصاف الأصل) المقيس عليه (وإبطال ما لا يصلح) منها للعلية (فيتعين الباقي) لها كأن يحصر أوصاف البرّ في قياس الذرة عليه في الطعم وغيره ويبطل ما عدا الطعم بطريقة فيتعين الطعم للعلية (ويكفي) في دفع منع المعترض حصر الأوصاف التي ذكرها المستدل. (قول المستدل) في المناظرة في حصرها (بحثت فلم أجد) غيرها لعدالته مع أهلية النظر. (والأصل عدم غيرها) فيندفع عنه بذلك منع الحصر وتعبيري بأو كما في مختصر ابن الحاجب وبعض نسخ الأصل أولى من تعبيره في أكثرها بالواو. (والناظر) لنفسه (يرجع) في حصر الأوصاف (إلى ظنه) ، فيأخذ به ولا يكابر نفسه. (فإن كان الحصر والإبطال) أي كل منهما (قطعيا فـ) ـهذا المسلك (قطعي وإلا) بأن كان كل منهما ظنيا أو أحدهما قطعيا والآخر ظنيا. (فظني وهو) أي الظني (حجة) للناظر لنفسه والمناظر غيره (في الأصحّ) لوجوب العمل بالظن، وقيل ليس بحجة مطلقا لجواز بطلان الباقي، وقيل حجة لهما إن أجمع على تعليل ذلك الحكم في الأصل حذرا من أداء بطلان الباقي إلى خطأ المجمعين، وقيل حجة للناظر دون المناظر لأن ظنه لا يقوم حجة على خصمه، (فإن أبدى المعترض) على الحصر الظني (وصفا زائدا) على الأوصاف (لم يكلف ببيان صلاحيته للتعليل) لأن بطلان الحصر بإبدائه كاف في الاعتراض فعلى المستدل دفعه بإبطال التعليل به. (ولا ينقطع المستدل) بإبدائه (حتى يعجز عن إبطاله

<<  <   >  >>