من هو أعلم منه، وقيل يجوز عند ضيق الوقت لما يسأل عنه، وقيل يجوز له فيما يخصه دون ما يفتي به غيره.
(مسألة الأصح أنه لو تكررت واقعة لمجتهد لم يذكر الدليل) الأول (وجب تجديد النظر) ، سواء أتجدد له ما يقتضي الرجوع عما ظنه فيها أم لا، إذ لو أخذ بالأوّل من غير نظر لكان أخذا بشيء من غير دليل يدل له والدليل الأول لعدم تذكره لا ثقة ببقاء الظن منه، وقيل لا يجب تجديده بناء على قوة الظن السابق، فيعمل به لأن الأصل عدم رجحان غيره أما إذا كان ذاكرا للدليل، فلا يجب تجديد النظر، إذ لا حاجة إليه، (أو) أي والأصح أنه لو تكررت واقعة (لعامي استفتى عالما) فيها (وجب إعادة الاستفتاء) ، لمن أفاد (ولو كان) العالم (مقلد ميت) بناء على جواز تقليد الميت وإفتاء المقلد كما سيأتي، إذ لو أخد بجواب السؤال الأول من غير إعادة لكان أخذا بشيء من غير دليل، وهو في حقه قول المفتي، وقوله الأول لا ثقة ببقائه عليه لاحتمال مخالفته له باطلاعه على ما يخالفه من دليل إن كان مجتهدا، ونص لإمامه إن كان مقلدا، وقيل لا يجب وذكر الخلاف في الصورتين من زيادتي، وقول الأصل في الشق الأول من الأولى قطعا أي عند أصحابنا لا عند الأصوليين، ومحل الخلاف في الثانية إذا عرف أن الجواب عن رأي أو قياس أو شك، والمفتي حي، فإن عرف أنه عن نص أو إجماع، أو مات المفتي فلا حاجة للسؤال ثانيا كما جزم به الرافعي والنووي.
(مسألة المختار جواز تقليد المفضول) من المجتهدين (لمعتقده غير مفضول) ، بأن اعتقده أفضل من غيره أو مساويا له، بخلاف من اعتقده مفضولاً عملاً باعتقاده وجمعا بين الدليلين الآتيين، وقيل يجوز مطلقا. ورجحه ابن الحاجب لوقوعه في زمن الصحابة وغيرهم مشتهرا متكررا من غير إنكار، وقيل لا يجوز مطلقا، لأن أقوال المجتهدين في حق المقلد كالأدلة في حق المجتهد، فكما يجب الأخذ بالراجح من الأدلة يجب الأخذ بالراجح من الأقوال، والراجح منها قول الفاضل، وإذا جاز تقليد المفضول لمن ذكر. (فلا يجب البحث عن الأرجح) من المجتهدين لعدم تعينه بخلاف من لم يجوز مطلقا وبما ذكر علم ما صرح به الأصل من أن العامي إذا اعتقد رجحان واحد منهم تعين لأن يقلده وإن كان مرجوحا في الواقع عملاً باعتقاده (و) المختار (أن الراجح علما) في الاعتقاد (فوق الراجح ورعا) فيه، لأن لزيادة العلم تأثيرا في الاجتهاد بخلاف زيادة الورع، وقيل العكس، لأن لزيادة الورع تأثيرا في التثبت في الاجتهاد وغيره بخلاف زيادة العلم، ويحتمل التساوي لأن لكل مرجحا. (و) المختار جواز (تقليد الميت) لبقاء قوله، كما قال الشافعي رضي الله عنه المذاهب لا تموت بموت أربابها، وقيل لا يجوز لأنه لا بقاء لقول الميت بدليل انعقاد الإجماع بعد موت المخالف، وعورض بحجية الإجماع بعد موت المجمعين، وقيل يجوز أن فقد الحي للحاجة بخلاف ما إذا لم يفقد. (و) المختار جواز (استفتاء من عرفت أهليته) للافتاء باشتهاره بالعلم والعدالة (أو ظنت) بانتصابه والناس مستفتون له. (ولو) كان (قاضيا) ، وقيل القاضي لا يفتي في المعاملات للاستغناء بقضائه فيها عن الافتاء. (فإن جهلت) أهليته علما أو عدالة. (فالمختار الاكتفاء باستفاضة علمه وبظهور عدالته) . وقيل يجب البحث عنهما بأن يسأل الناس عنهما وعليه، فالأصح الاكتفاء بخبر الواحد عنهما، وقيل لا بد من اثنين وما اخترته من الاكتفاء باستفاضة علمه هو ما نقله في
الروضة عن الأصحاب خلاف ما صححه الأصل من وجوب البحث عنه. (وللعامي سؤاله) أي المفتي (عن مأخذه) ، فيما أفتاه به (استرشادا) أي طلبا لإرشاد نفسه بأن يذعن للقبول ببيان المأخذ لا تعنتا. (ثم عليه) أي المفتي ندبا لا وجوبا (بيانه) أي المأخذ لسائله المذكور تحصيلاً لإرشاده (إن لم يخف) عليه، فإن خفي عليه بحيث يقصر فهمه عنه، فلا يبينه له صونا لنفسه عن التعب فيما لا يفيد ويعتذر له بخفاء ذلك عليه.