اللازم، وقيل نسخ الفحوى لا يستلزم بخلاف عكسه، وقيل عكسه لما عرف مما قبلهما وتعبيري بما ذكر أولى مما عبر به لإيهامه التنافي، وقد أوضحت لك مع الجواب عنه في الحاشية.
(و) يجوز في الأصح (النسخ به) أي بالفحوى كأصله، وقيل لا بناء على أنه قياس وأن القياس لا يكون ناسخا، وذكر الخلاف في هذه من زيادتي. (لا نسخ النص بالقياس) فلا يجوز في الأصح حذرا من تقديم القياس على النص الذي هو أصل له في الجملة، وعلى هذا جمهور أصحابنا. ونقله أبو إسحاق المروزي عن النصّ. وقال القاضي حسين إنه المذهب، وقيل وصححه الأصل يجوز لاستناده إلى النص، فكأنه الناسخ، وقيل يجوز بالقياس الجليّ دون الخفي، وقيل غير ذلك.
(ويجوز نسخ) مفهوم (المخالفة دون أصلها) كنسخ مفهوم خبر «إنما الماء من الماء» بخبر «إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل»(لا عكسه) أي لا نسخ الأصل دونها، فلا يجوز في الأصح لأنها تابعة له فترتفع بارتفاعه ولا يرتفع هو بارتفاعها، وقيل يجوز وتبعيتها له من حيث دلالة اللفظ عليها معه لا من حيث ذاته أما نسخهما معا فجائز اتفاقا، كنسخ وجوب الزكاة في السائمة ونفيه في المعلوفة، ويرجع الأمر فيها إلى ما كان قبله مما دل عليه الدليل العام بعد الشرع من
تحريم الفعل إن كان مضرة، أو إباحته إن كان منفعة، ويرجع في السائمة إلى ما مرّ في مسألة إذا نسخ الوجوب بقي الجواز. (ولا) يجوز (النسخ بها) أي بالمخالفة (في الأصح) لضعفها عن مقاومة النص، وقيل يجوز كالمنطوق وذكر الخلاف في هذه من زيادتي. (ويجوز نسخ الإنشاء) الذي الكلام فيه. (ولو) كان (بلفظ قضاء) . وقيل لا بناء على أن القضاء إنما يستعمل فيما لا يتغير نحو {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه} أي أمر. (أو بصيغة خبر) نحو {والمطلقات يتربصن بأنفسهنّ ثلاثة قروء} أي ليتربصن نظرا للمعنى وقيل لا يجوز نظرا للفظ. (أو قيد بتأبيد أو نحوه) كصوموا أبدا صوموا حتما صوموا دائما، الصوم واجب مستمر أبدا إذا قاله إنشاء، وقيل لا لمنافاة النسخ التقييد بذلك. قلنا لا نسلم ويتبين بورود الناسخ أن المراد افعلوا إلى وجوده كما يقال لازم غريمك أبدا أي إلى أن يعطي الحق.
(و) يجوز نسخ إيجاب (الاخبار بشيء ولو مما لا يتغير بإيجاب الاخبار بنقيضه) كأن يوجب الاخبار بقيام زيد ثم بعدم قيامه قبل الاخبار بقيامه لجواز أن يتغير حاله من القيام إلى عدمه، ومنعت المعتزلة ذلك فيما لا يتغير كحدوث العالم لأنه تكليف بالكذب فينزه الباري عنه لقولهم بالتقبيح العقلي. قلنا لا نقول به وقد يدعو إلى الكذب غرض صحيح فلا يكون التكليف به قبيحا بل حسنا، كما لو طالبه ظالم بوديعة عنده أو بمظلوم خبأه عنده فيجب عليه إنكاره، ويجوز له الحلف عنه ويكفر عن يمينه، ولو أكره على الكذب وجب، والإشارة إلى هذا الخلاف بقولي ولو مما لا يتغير من زيادتي. (لا) نسخ (الخبر) أي مدلوله فلا يجوز (وإن كان مما يتغير) لأنه يوهم الكذب حيث يخبر بالشيء ثم بنقيضه، وذلك محال على الله تعالى، وقيل يجوز في المتغير إن كان خبرا عن مستقبل بناء على القول بأن الكذب لا يكون في المستقبل لجواز المحو لله فيما يقدّره. قال الله تعالى {يمحو الله ما يشاء ويثبت} والاخبار يتبعه بخلاف الخبر عن ماض، وقيل يجوز فيه عن الماضي أيضا لجواز أن يقول الله لبث نوح في قومه ألف سنة، ثم يقول لبث ألف سنة إلا خمسين عاما، وإلى الخلاف أشرت بقولي وإن إلى آخره.
(ويجوز عندنا النسخ ببدل أثقل) كما يجوز بمساوٍ وبأخف. وقال بعض المعتزلة لا إذ لا مصلحة في الانتقال من سهل إلى عسر. قلنا لا نسلم ذلك بعد تسليم رعاية المصلحة وقد وقع كنسخ وجوب الكف عن الكفار الثابت بقوله تعالى {ودع أذاهم} بقوله اقتلوا المشركين. (و) يجوز عندنا النسخ (بلا بدل) وقال بعض المعتزلة لا إذ لا مصلحة في ذلك. قلنا لا نسلم ذلك بعدما ذكر. (و) لكنه (لم يقع في الأصح) وقيل وقع كنسخ وجوب تقديم الصدقة على مناجاة النبي الثابت