يفعل في وقته، (بل) إنما (يجب بأمر جديد) كالأمر في خبر الصحيحين «من نسي الصلاة فليصلها إذا ذكرها» . والقصد من الأمر الأول الفعل في الوقت، وقيل يستلزمه لإشعار الأمر بطلب استدراكه لأن القصد منه الفعل. (و) الأصح (أن الإتيان بالمأمور به) على الوجه الذي أمر به. (يستلزم الاجزاء) للمأتي به، بناء على أن الاجزاء الكفاية في سقوط الطلب، وهو الأصح كما مر، ولأنه لو لم يستلزمه لكان الأمر بعد الامتثال مقتضيا إما للمأتي به، فيلزم تحصيل الحاصل أو بغيره فيلزم عدم الإتيان بتمام المأمور بل ببعضه، والفرض خلافه، وقيل لا يستلزمه بناء على أنه إسقاط القضاء لجواز أن لا يسقط المأتي به القضاء بأن يحتاج إلى الفعل ثانيا كما في صلاة من ظنّ طهره ثم تبين له حدثه. (و) الأصح (أن الأمر) للمخاطب (بالأمر) لغيره (بشيء) نحو {وأمر أهلك بالصلاة}(ليس أمرا) لذلك الغير (به) أي بالشيء وقيل هو أمر به، وإلا فلا فائدة فيه لغير المخاطب وقد تقوم قرينة على أن غير المخاطب مأمور بذلك الشيء كما في خبر الصحيحين «أن ابن عمر طلق امرأته وهي حائض فذكر ذلك عمر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلّم فقال مُرْه فَلْيُرَاجِعْها» .
(و) الأصح أن الآمر) بالمد بلفظ يصلح له) هو أولى من قوله يتناوله نحو «مَنْ قامَ فَلْيَتَوَضَّأَ» . (غير داخل فيه) أي في ذلك اللفظ لبعد أن يريد الآمر نفسه، وهذا ما صححه في بحث العام عكس مقابله وهو ما صححه هنا، والأوّل هو المشهور وممن صححه الإمام الرازي والآمدي. وفي الروضة لو قال نساء المسلمين طوالق لم تطلق زوجته على الأصح، لأن الأصح عند أصحابنا في الأصول أنه لا يدخل في خطابه، وخرج بالآمر ومثله الناهي المخبر فيدخل في خطابه على الأصح كما صرح به في بحث العام، إذ لا يبعد أن يريد المخبر نفسه نحو {والله بكل شيء عليم} وهو تعالى عليم بذاته وصفاته، فعلم أن في مجموع المسألتين ثلاثة أقوال، ومحلها إذا لم تقم قرينة على دخوله أو عدم دخوله فإن قامت عمل بمقتضاها قطعا. (ويجوز عندنا عقلاً النيابة في العبادة البدنية) إذ لا مانع ومنعه المعتزلة لأن الأمر بها إنما هو لقهر النفس وكسرها بفعلها والنيابة تنافي ذلك. قلنا لا تنافيه لما فيها من بذل المؤنة أو تحمل المنة، وخرج بزيادتي عقلاً الجواز الشرعي فلا تجوز شرعا النيابة في البدنية إلا في الحج والعمرة، وفي الصوم بعد الموت وبالبدنية المالية كالزكاة فلا خلاف في جواز النيابة فيها، وإن اقتضى كلام الأصل أن فيها خلافا، وتعبيري بما ذكر أولى من تعبيره بأن الأصح أن النيابة تدخل المأمور إلا لمانع لاقتضائه أن في العبادة المالية خلافا وليس كذلك، مع أن قوله إلا لمانع إنما يناسب الفقيه لا الأصولي لأن كلامه في الجواز العقلي لا الشرعي.
(مسألة المختار) تبعا لإمام الحرمين والغزالي والنووي في روضته في كتاب الطلاق وغيرهم (أن الأمر النفسي بـ) ـشيء (معين) إيجابا أو ندبا (ليس نهيا عن ضده ولا يستلزمه) لجواز أن لا يخطر الضد بالبال حال الأمر تحريما كان النهي أو كراهة، واحدا كان الضد كضد السكون أي التحرك أو أكثر كضد القيام أي القعود وغيره، وقيل نهي عن ضده، وقيل يستلزمه فالأمر بالسكون مثلاً أي طلبه ليس نهيا عن التحرّك أي طلب الكف عنه ولا مستلزما له على الأول ومستلزما له على الثالث، وعينه على الثاني بمعنى أن الطلب واحد هو بالنسبة إلى السكون أمر وإلى التحرّك نهي، واحتج لهذين القولين بأنه لما لم يتحقق المأمور به بدون الكف عن ضده كان طلبه طلبا للكف أو مستلزما له. وأجيب بمنع الملازمة لجواز أن لا يخطر الضد بالبال حال الأمر كما مر، فلا يكون مطلوب الكف به، وقيل القولان في الوجوب دون أمر الندب، لأن الضد فيه لا يخرج به عن أصله من الجواز بخلافه في أمر الوجوب لاقتضائه الذم على الترك وخرج بالنفسي الأمر اللفظي فليس عين النهي اللفظي قطعا ولا يستلزمه في الأصح وبالمعين المبهم من أشياء فليس الأمر به بالنظر إلى ما صدقه نهيا عن ضدّه منها ولا مستلزما له قطعا.