للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(و) المختار (أن النهي) النفسي عن شيء معين تحريما أو كراهة (كالأمر) فيما ذكر فيه، فالنهي ليس أمرا بالضد ولا يستلزمه، وقيل عينه، وقيل يستلزمه، وقيل هذان القولان في نهي التحريم دون نهي الكراهة، والضد إن كان واحدا فواضح أو أكثر فالأمر بواحد منه، وقيل النهي أمر بضده قطعا بناء على أن المطلوب في النهي فعل الضد، وقيل لا قطعا بناء على أن المطلوب في النهي انتفاء الفعل، والترجيح في هذه والتي قبلها من زيادتي والنهي اللفظي يقاس بالأمر اللفظي.

(مسألة الأمران إن لم يتعاقبا) بأن يتراخى ورود أحدهما عن الآخر بمتماثلين ولم يمنع من التكرار مانع أو بمتخالفين. (أو تعاقبا) لكن (بغير متماثلين) بعطف كأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة، أو بدونه كاضرب زيدا أعطه درهما (فغيران) فيعمل بهما جزما. (وكذا) إن تعاقبا (بمتماثلين ولا مانع من التكرار) في متعلقهما من عادة أو غيرها فإنهما غيران (في الأصح) مع عطف كصلِّ ركعتين وصل ركعتين أو بدونه كصل ركعتين صل ركعتين لظهور العطف في التأسيس وأصالة التأسيس في غير العطف، وهذا ما نقله الأصل في شرح المختصر كالصفي الهندي عن الأكثرين، وقيل الثاني تأكيد فيهما لتماثل المتعلقين، وقيل بالوقف عن التأسيس والتأكيد في غير العطف لاحتمالهما، والترجيح من زيادتي في غير العطف، وما ذكرته من الخلاف مع العطف حكاه الأصل. قال الزركشي وفيه نظر فقد صرح الصفي الهندي وغيره بأنه لا خلاف في أنه للتأسيس، لأن الشيء لا يعطف على نفسه، ويجاب بأن من حفظ حجة على من لم يحفظ. (فإن كان) ثمَّ (مانع) من التكرار (عادي وعارضه عطف) نحو صل ركعتين وصل الركعتين. (فالوقف) عن التأسيس والتأكيد لاحتمالهما، وظاهر أنه إن وجد مرجح عمل به. (وإلا) بأن كان ثمَّ مانع عقلي نحو اقتل زيدا اقتل زيدا، أو شرعي نحو أعتق عبدك أعتق عبدك، أو لم يعارضه عطف نحو اسقني ماء اسقني ماء، صل ركعتين صل ركعتين. (فالثاني تأكيد) . وإن كان بعطف في الأولين أما كونه تأكيدا في الأولين فظاهر، وأما في الأخيرتين فلأن العادة باندفاع الحاجة بمرة في أولها، وبالتعريف في ثانيهما ترجح التأكيد، وقولي وإلا أعم من قوله فإن رجح التأكيد بعادي قدم.

(مسألة النهي) النفسي (اقتضاء كف عن فعل لا بنحو كف) كذر ودع المفادين كنحوهما بزيادتي نحو فدخل فيه الاقتضاء الجازم وغيره وخرج منه الإباحة، واقتضاء فعل غير كف أو كف بنحو كف فإنه أمر كما مر، ويحد أيضا بالقول المقتضي للكف المذكور كما يحد اللفظي بالقول الدال على الاقتضاء المذكور، ولا يعتبر في مسمى النهي علو ولا استعلاء على الأصح كالأمر (وقضيته الدوام) على الكف، لأن العلماء لم يزالوا يستدلون به على الترك مع اختلاف بالأوقات لا يخصونه بشيء منها. (ما لم يقيد بغيره في الأصح) فإن قيد به نحو لا تسافر اليوم كان الغير قضيته فيحمل عليه، وقيل قضيته الدوام مطلقا وتقييده بغير الدوام يصرفه عن قضيته، وقولي بغيره أولى من قوله بالمرة. (وترد صيغته) أي النهي وهي لا تفعل. (للتحريم) نحو {ولا تقربوا الزنا} (وللكراهة) نحو {ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون} والخبيث فيه الرديء لا الحرام عكس ما في قوله تعالى {ويحرم عليهم الخبائث} {وللإرشاد) نحو {لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم} (وللدعاء) نحو {ربنا لا تزغ قلوبنا} {ولبيان العاقبة} نحو {ولا تحسين الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء} أي عاقبة الجهاد الحياة لا الموت (وللتقليل) بأن يتعلق بالمنهى عنه نحو {ولا تمدّنّ عينيك إلى ما متعنا به {أي فهو قليل بخلاف ما عند الله. (وللاحتقار) بأن يتعلق بالمنهي نحو {لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم} {ولليأس) نحو {لا تعذروا اليوم} وهذا تركه البرماوي من ألفيته، وذكره في شرحها مع زيادة ومثل له بالآية ثم قال وقد يقال إنه راجع للاحتقار أي لاتحاد آيتيهما. قلت

<<  <   >  >>