للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالحربيات فلا يتناول المرتدة.

(و) الأصح (أن صورة السبب) التي ورد عليها العام. (قطعية الدخول) فيه لوروده فيها (فلا تخص) منه (بالاجتهاد) . وقيل ظنية كغيرها فيجوز إخراجها منه بالاجتهاد. قال السبكي (ويقرب منها) أي من صورة السبب حتى يكون قطعي الدخول أو ظنية. (خاص في القرآن تلاه في الرسم) أي رسم القرآن بمعنى وضعه مواضعه، وإن لم يتله في النزول. (عام لمناسبة) بين التالي والمتلوّ كما في آية {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت} فإنها إشارة إلى كعب بن الأشرف ونحوه من علماء اليهود لما قدموا مكة وشاهدوا قتلى بدر حرّضوا المشركين على الأخذ بثأرهم، ومحاربة النبيّ صلى الله عليه وسلّم فسألوهم من أهدى سبيلاً محمد وأصحابه أم نحن فقالوا أنتم مع علمهم بما في كتابهم من نعت النبيّ صلى الله عليه وسلّم المنطبق عليه، وأخذ المواثيق عليهم أن لا يكتموه فكان ذلك أمانة لازمة لهم ولم يؤدّوها حيث قالوا للمشركين ما ذكر حسدا للنبيّ صلى الله عليه وسلّم، وقد تضمنت الآية هذا القول والتوعد عليه المقيد للأمر بمقابله المشتمل على أداء الأمانة التي هي بيان صفة النبيّ صلى الله عليه وسلّم وذلك مناسب لقوله تعالى {إن الله يأمركم أن تؤدُّوا الأمانات إلى أهلها} ، فهذا عام في كل أمانة وذاك خاص بأمانة هي بيان صفة النبيّ صلى الله عليه وسلّم بما ذكر والعام تال للخاص في الرسم متراخ عنه في النزول لست سنين مدة ما بين بدر وفتح مكة، وإنما قال السبكي ويقرب منه كذا لأنه لم يرد العام بسببه بخلافها.

(مسألة الأصح) أنه (إن لم يتأخر الخاص عن) وقت (العمل) بالعام المعارض له بأن تأخر الخاص عن ورود العام قبل دخول وقت العمل أو تأخر العام عن الخاص مطلقا أو تقارنا بأن عقب أحدهما الآخر أو جهل تاريخهما. (خصص) الخاص. (العام) . وقيل إن تقارنا تعارضا في قدر الخاص، فيحتاج العمل بالخاص إلى مرجح له قلنا الخاص أقوى من العام في الدلالة على ذلك البعض، لأنه يجوز أن لا يراد من العام بخلاف الخاص فلا حاجة إلى مرجح له. وقالت الحنفية وإمام الحرمين العام المتأخر عن الخاص ناسخ له كعكسه. قلنا الفرق أن العمل بالخاص المتأخر لا يلغي العام بخلاف العكس والخاص أقوى من العام في الدلالة فوجب تقديمه عليه. قالوا فإن جهل التاريخ بينهما فالوقف عن العمل بواحد منهما لاحتمال كل منهما عندهم، لأن يكون منسوخا باحتمال تقدمه على الآخر مثال العام (فاقتلوا المشركين) والخاص أن يقال لا تقتلوا الذمي. (وإلا) بأن تأخر الخاص عما ذكر (نسخه) أي نسخ الخاص العام بالنسبة لما تعارضا فيه، وإنما لم يجعل ذلك تخصيصا، لأن التخصيص بيان للمراد بالعام وتأخير البيان عن وقت العمل ممتنع. (و) الأصح أنه (إن كان كل) من المتعارضين (عاما من وجه) خاصا من وجه، (فالترجيح) بينهما من خارج واجب لتعادلهما تقارنا أو تأخر أحدهما أو جهل تاريخهما. وقالت الحنفية المتأخر ناسخ للمتقدم مثال ذلك خبر البخاري «من بدّل دينه فاقتلوه» . وخبر الصحيحين «أنه صلى الله عليه وسلّم نهى عن قتل النساء» . فالأوّل عام في الرجال والنساء خاص بأهل الردّة، والثاني خاص بالنساء عام في الحربيات والمرتدات، وقد ترجح الأوّل بقيام القرينة على اختصاص الثاني بسببه وهو الحربيات.

[المطلق والمقيد]

أي هذا مبحثهما، والمراد اللفظي المسمى بهما. (المختار أن المطلق) ويسمى اسم جنس كما مرّ. (ما) أي لفظ (دلّ على الماهية بلا قيد) من وحدة وغيرها فهو كلي، وقيل ما دل على شائع في جنسه وقائله توهم النكرة غير العامة، واحتج لذلك بأن الأمر بالماهية كالضرب من غير قيد أمر بجزئي من جزئياتها كالضرب بسوط أو عصا أو غير ذلك، لأن الأحكام الشرعية إنما تبنى غالبا على الجزئيات لا على الماهيات المعقولة لاستحالة وجودها في الخارج، ويردّ بأنها إنما يستحيل وجودها كذلك مجردة لا مطلقا

<<  <   >  >>