للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكتاب حيث قيل لا حكم قبل الشرع بل الأمر موقوف إلى وروده.

(مسألة المختار أن الاستحسان ليس دليلاً) إذ لا دليل يدل عليه وقيل هو دليل لقوله تعالى {واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم} قلنا المراد بالأحسن الأظهر والأولى لا الاستحسان. (وفسر بدليل ينقدح في نفس المجتهد تقصر عنه عبارته وردّ بأنه) أي هذا الدليل (إن تحقق) بفتح التاء عند المجتهد (فمعتبر) ، ولا يضرّ قصور عبارته عنه قطعا، وإن لم يتحقق عنده فمردود قطعا. (و) فسر أيضا (بعدول عن قياس إلى) قياس (أقوى) منه، (ولا خلاف فيه) بهذا المعنى، إذ أقوى القياسين مقدم على الآخر قطعا. (أو) بعدول (عن الدليل إلى العادة) لمصلحة، كدخول الحمام بلا تعيين أجرة وزمن مكث فيه وقدر ماء وكشرب الماء من السقاء بلا تعيين قدره مع اختلاف أحوال الناس في استعمال الماء. (وردّ بأنه إن ثبت أنها) أي العادة (حق) لجريانها في زمنه صلى الله عليه وسلّم، أو بعده بلا إنكار ولا من الأئمة. (فقد قام دليلها) من السنة أو الإجماع فيعمل بها قطعا. (وإلا) أي وإن لم يثبت حقيتها (ردّت) قطعا فلم يتحقق بما ذكر استحسان مختلف فيه. (فإن تحقق استحسان مختلف فيه فمن قال به فقد شرع) ، بالتخفيف. وقيل بالتشديد أي وضع شرعا من قتل نفسه وليس له ذلك لأنه كفر أو كبيرة. (وليس منه) أي من الاستحسان المختلف فيه أن تحقق (استحسان الشافعي التحليف بالمصحف والخط في الكتابة) لشيء من نجومها. (ونحوهما) كاستحسانه في المتعة ثلاثين درهما، وإنما قال ذلك لأدلة فقهية مبينة في محالها، ولا ينكر التعبير به عن حكم ثبت بدليل.

(مسألة قول الصحابي) المجتهد (غير حجة على) صحابي (آخر وفاقا و) على (غيره) وكتابعي (في الأصح) ، لأن قول الصحابي ليس حجة في نفسه، والاحتجاج به في الحكم التعبدي من حيث إنه من قبيل المرفوع لظهور أن مستنده فيه التوقيف لا من حيث إنه قول صحابي، وقيل قوله على غير الصحابي حجة فوق القياس حتى يقدم عليه عند التعارض، وقيل حجة دون القياس فيقدم القياس عليه، وقيل حجة إن انتشر من غير ظهور مخالف له، لكنه حينئذ إجماع سكوتي، فاحتجاج الفقهاء به من حيث إنه إجماع سكوتي لا من حيث إنه قول صحابي، كما لو وقع من مجتهد غير صحابي قول باجتهاد وسكت عليه الباقون، وقيل حجة إن خالف القياس، وقيل قول الشيخين أبي بكر وعمر حجة بخلاف غيرهما، وقيل غير ذلك. وعلى القول بأنه حجة لو اختلف صحابيان في مسألة فقولاهما كدليلين فيرجح أحدهما بمرجح. (والأصح) ما عليه المحققون (أنه) أي الصحابي (لا يقلد) بفتح اللام أي ليس لغيره أن يقلده لأنه لا يوثق بمذهبه، إذ لم يدوّن بخلاف مذهب غيره من الأئمة الأربعة وقيل يقلد بناء على جواز الانتقال في المذاهب والتصريح بالترجيح من زيادتي. (أما وفاق الشافعي زيدا في الفرائض) حتى تردد حيث تردّد (فلدليل لا تقليدا) لزيد بأن وافق اجتهاده اجتهاده.

(مسألة الأصح أن الإلهام وهو) لغة إيقاع شيء في القلب (يطمئن له الصدر يخص به الله) تعالى (بعض أصفيائه غير حجة) إن ظهر (من غير معصوم) ، لعدم الثقة بخواطره لأنه لا يأمن دسيسة الشيطان فيها. وقيل هو حجة في حقه فقط وقيل لأدلة لا تجدي، أما من المعصوم كالنبيّ صلى الله عليه وسلّم فهو حجة في حقه وحق غيره إذا تعلق بهم كالوحي.

[خاتمة للاستدلال]

(مبنى الفقه على) أربعة أمور، وإن لم يرجع أكثره إليها إلا بتكلف. (أن اليقين لا يرفع) من حيث استصحاب حكمه (بالشك) ، بمعنى مطلق التردد، ومن مسائله من تيقن الطهر وشك في الحدث يأخذ بالطهر، (و) أن (الضرر يزال) وجوبا، ومن مسائله وجوب ردّ المغصوب وضمانه بالتلف. (و) أن (المشقة تجلب التيسير) ، ومن مسائله جواز القصر والجمع والفطر في السفر بشرطه. (و) أن (العادة محكمة) بفتح الكاف المشددة، أي المعمول بها

<<  <   >  >>