الحمد لله الذي أظهر بدائع مصنوعاته على أحسن نظام، وخص من بينها من شاء بمزيد الطول والإنعام، ووفقه وهداه إلى دين الإسلام، وأرشده إلى طريق معرفة الاستنباط لقواعد الأحكام، لمباشرة الحلال وتجنب الحرام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الجلال والإكرام، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله المفضل على جميع الأنام، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه الغرّ الكرام.
وبعد، فهذا شرح لمختصري المسمى بـ (لب الأصول) الذي اختصرت فيه جمع الجوامع يبين حقائقه، ويوضح دقائقه، ويذلل من اللفظ صعابه، ويكشف عن وجه المعاني نقابه، سالكا فيه غالبا عبارة شيخنا العلامة، المحقق الفهامة الجلال المحلي لسلاستها وحسن تأليفها، وروما لحصول بركة مؤلفها، وسميته «غاية الوصول إلى شرح لب الأصول» . والله أسأل أن ينفع به وهو حسبي ونعم الوكيل.
(بسم الله الرحمن الرحيم) أي أؤلف أو أبتدىء تأليفي، والباء للمصاحبة ليكون ابتداء التأليف مصاحبا لاسم الله تعالى المتبرّك بذكره، وقيل للاستعانة نحو كتبت بالقلم، والاسم من السموّ وهو العلوّ. وقيل من الوسم وهو العلامة، والله علم للذات الواجب الوجود المستحق لجميع الصفات الجميلة، والرحمن الرحيم صفتان بنيتا للمبالغة من رحم، والرحمن أبلغ من الرحيم، لأن زيادة البناء تدل على زيادة المعنى كما في قطع وقطع.
(الحمد لله الذي وفقنا) أي خلق فينا قدرة. (للوصول إلى معرفة الأصول) فيه براعة الاستهلال، والحمد لغة الثناء باللسان على الجميل