للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شرعا، ومن مسائله أقل الحيض وأكثره، وزاد بعضهم على الأربعة أن الأمور بمقاصدها، ومن مسائله وجوب النية في الطهر، ورجعه صاحب الأصل في قواعده إلى الأول، فإن الشيء إذا لم يقصد اليقين عدم حصوله.

[الكتاب السادس في التعادل والتراجيح]

بين الأدلة عند تعارضها وسيأتي بيانهما، (يمتنع تعادل قاطعين) أي تقابلهما بأن يدل كل منهما على منافي ما يدل عليه الآخر إذ لو جاز ذلك لثبت مدلولهما، فيجتمع المتنافيات فلا وجود لقاطعين متنافيين عقليين أو نقليين أو عقلي ونقلي، والكلام في النقليين حيث لا نسخ كما يعلم مما سيأتي. (لا) تعادل (قطعي وظني نقليين) . فلا يمتنع لبقاء دلالتيهما، وإن انتفى الظن عند القطع بالنقيض لتقدم القطعي حينئذ، وخرج بالنقليين غيرهما، كأن ظن أن زيدا في الدار لكون مركبه وخدمه ببابها ثم شوهد خارجها، فيمتنع تعادلهما لانتفاء دلالة الظني حينئذ، وعليه يحمل قول ابن الحاجب لا تعارض بين قطعي وظني. (وكذا أمارتان) لا يمتنع تعادلهما ولو بلا مرجح لإحداهما. (في الواقع في الأصح) إذ لو امتنع لكان لدليل والأصل عدمه، وهذا ما عليه ابن الحاجب تبعا للجمهور، وإن لم يصرحوا بقيد الواقع، وقيل يمتنع بلا مرجح ورجحه الأصل حذرا من التعارض في كلام الشارع، وأجاب الأول بأنه لا محذور في ذلك، أما تعارضهما في ذهن المجتهد فواقع قطعا وهو منشأ تردّده، وعلى الأول (فإن تعادلتا) ولا مرجح (فالمختار التساقط) ، كما في تعارض البينتين، وقيل يخير بينهما في العمل، وقيل يوقف عن العمل بواحدة منهما، وقيل يخير بينهما في الواجبات ويتساقطان في غيرها، والترجيح من زيادتي. (وإن نقل عن مجتهد قولان فإن تعاقبا فالمتأخر) منهما (قوله) المستمر والمتقدم مرجوع عنه. (وإلا) أي وإن لم يتعاقبا بأن قالهما معا، (فما) أي فقوله المستمر منهما ما (ذكر فيه) المجتهد (مشعرا بترجيحه) على الآخر كقوله هذا أشبه وكتفريعه عليه، (وإلا) أي وإن لم يذكر ذلك (فهو متردّد) بينهما فلا ينسب إليه ترجيح أحدهما، وفي معنى ذلك ما لو جهل تعاقبهما أو علم وجهل المتأخر أو نسي. (ووقع) هذا التردد (للشافعي) رضي الله عنه (في بضعة عشر مكانا) ستة عشر أو سبعة عشر، كما تردد فيه القاضي أبو حامد المروروذي.

(ثم قيل) أي قال الشيخ أبو حامد الاسفرايني في ترجيح أحد قولي الشافعي المتردد بينهما. (مخالف أبي حنيفة) منهما (أرجح من موافقة) ، فإن الشافعي إما خالفه لدليل. (وقيل عكسه) أي موافقه أرجح وهو قول القفال، وصححه النووي لقوّته بتعدد قائله، وردّ بأن القوة إنما تنشأ من الدليل فلذلك قلت كالأصل. (والأصح الترجيح بالنظر) فما اقتضى ترجيحه منهما فهو الراجح، (فإن وقف) عن الترجيح (فالوقف) عن الحكم برجحان واحد منهما، (وإن لم يعرف للمجتهد قول في مسألة لكن) يعرف له قول (في نظيرها فهو) أي قوله في نظيرها. (قوله المخرج فيها في الأصحّ) أي خرجه الأصحاب فيها إلحاقا لها بنظيرها، وقيل ليس قولاً له فيها لاحتمال أن يذكر فرقا بين المسألتين لو روجع في ذلك. (والأصح) على الأول (لا ينسب) القول فيها (إليه مطلقا بل) ينسب إليه (مقيدا) بأنه مخرج حتى لا يلتبس بالمنصوص، وقيل لا حاجة إلى تقييده لأنه جعل قوله (ومن معارضة نصّ آخر للنظير) أي لنصّ في نظير المسألة (تنشأ الطرق) وهي اختلاف

<<  <   >  >>