ذبحه قبل التمكن منه بقوله {وفديناه بذبح عظيم} واحتمال كونه بعد التمكن خلاف الظاهر من حال الأنبياء في امتثال الأمر من مبادرتهم إلى فعل المأمور به.
(و) يجوز في الأصح (نسخ السنة بالقرآن) كنسخ تخريم مباشرة الصائم أهله ليلاً بالسنة بقوله تعالى {أحلّ لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} وقيل لا يجوز نسخها به لقوله تعالى {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم} جعله مبينا للقرآن فلا يكون القرآن مبينا لسنته. قلنا لا مانع لأنهما من عند الله قال تعالى {وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى} ويدل للجواز قوله تعالى {ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء}(كهو) أي كما يجوز نسخ القرآن (به) جزما كما مرّ التمثيل له بايتي عدّة الوفاة وتعبيري بذلك أولى مما عبر به لإيهامه أن الخلاف جار في النسخ بالقرآن لقرآن، وليس كذلك عند من جوّز نسخ بعضه. (و) يجوز في الأصح (نسخه) أي القرآن (بها) أي بالسنة متواترة أو آحادا قال تعالى {لتبين للناس ما نزل إليهم} وقيل لا يجوز لقوله تعالى {قل ما يكون لي أن أبدّله من تلقاء نفسي} والنسخ بالسنة تبديل من تلقاء نفسه قلنا ممنوع. وما ينطق عن الهوى، وقيل لا يجوز نسخ القرآن بالآحاد لأن القرآن مقطوع والآحاد مظنون. قلنا محل النسخ الحكم ودلالة للقرآن عليه ظنية. (و) لكن نسخ القرآن بالسنة (لم يقع إلا بالمتواترة في الأصح) . وقيل وقع بالآحاد كنسخ خبر الترمذي وغيره «لا وصية لوارث» لآية {كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية} . قلنا لا نسلم عدم تواتر ذلك ونحوه للمجتهدين الحاكمين بالنسخ لقربهم من زمن الوحي وسكت كالأصل عن نسخ السنة بها للعلم به من نسخ القرآن به، فيجوز نسخ المتواترة بمثلها والآحاد بمثلها وبالمتواترة، وكذا المتواترة بالآحاد على الأصح كما مرّ من نسخ القرآن بالآحاد. (وحيث وقع) نسخ القرآن (بالسنة فمعها قرآن عاضد لها) على النسخ يبين توافقهما لتقوم الحجة على الناس بهما معا، ولئلا يتوهم انفراد أحدهما عن الآخر، إذ كل منهما من عند الله. (أو نسخ السنة بالقرآن فمعه سنة) ب١>عاضدة له تبين توافقهما لما
مرّ، كما في نسخ التوجه في الصلاة إلى بيت المقدس الثابت بفعله صلى الله عليه وسلّم بقوله تعالى {فولّ وجهك شطر المسجد الحرام} وقد فعله صلى الله عليه وسلّم.
(و) يجوز في الأصح (نسخ القياس) الموجود (في زمن النبي) صلى الله عليه وسلّم (بنص أو قياس أجلي) من القياس المنسوخ به، فالأول كأن يقول صلى الله عليه وسلّم «الفاضلة في البرّ حرام لأنه مطعوم» . فيقاس به الأرز، ثم يقول «بيعوا الأرز بالأرز متفاضلاً» . والثاني كأن يأتي بعد القياس المذكور نص بجواز بيع الذرة بالذرة متفاضلاً فيقاس به بيع الأرز بالأرز متفاضلاً، وقيل لا يجوز نسخه لأنه مستند إلى نص
فيدوم بدوامه. قلنا لا نسلم لزوم دوامه كما لا يلزم دوام حكم النص بأن ينسخ وخرج بالأجلي غيره، فلا يكفي الأدون لانتفاء المقاومة ولا الساري لانتفاء المرجح، وقيل يكفيان كالأجلي.
(و) يجوز في الأصح (نسخ الفحوى) أي مفهوم الموافقة بقسميه الأولى والمساوي (دون أصله) أي المنطوق بقيد زدته بقولي (إن تعرض لبقائه) أي بقاء أصله (وعكسه) أي أصل الفحوى دونه إن تعرض لبقائه لأنهما مدلولان متغايران فجاز فيهما ذلك كنسخ تحريم الضرب دون تحريم التأفيف والعكس، وقيل لا فيهما لأن الفحوى لازم لأصله فلا ينسخ أحدهما دون الآخر لمنافاة ذلك اللزوم بينهما، وقيل يمتنع الأول لامتناع بقاء الملزوم مع نفي اللازم بخلاف الثاني لجواز بقاء اللازم مع نفي الملزوم، أما نسخهما معا فيجوز اتفاقا، فإن لم يتعرض للبقاء فعن الأكثر الامتناع بناء على أن نسخ كل منهما يستلزم نسخ الآخر، لأن الفحوى لازم لأصله وتابع له، ورفع اللازم يستلزم رفع الملزوم، ورفع المتبوع يستلزم رفع التابع، وقيل لا يستلزم نسخ كل منهما ذلك، لأن رفع التابع لا يستلزم رفع الملزوم، ورفع المتبوع لا يستلزم رفع