فإن قلت العزم لا يصلح بدلاً عن الفعل إذ بدل الشيء يقوم مقامه والعزم ليس كذلك. قلت لا يخفى أن المراد بكونه بدلاً عنه أنه بدل عن إيقاعه في أول وقته لا عن إيقاعه مطلقا والعزم قائم مقامه في ذلك.
(ومن أخر) الواجب الموسع بأن لم يشتغل به أول الوقت مثلاً (مع ظن فوته) بموت أو حيض أو نحوهما. وهذا أعم من قوله مع ظن الموت. (عصى) لظنه فوت الواجب بالتأخير (و) الأصح (أنه إن بان خلافه) بأن تبين خلاف ظنه (وفعله) في الوقت (فأداء) فعله لأنه في الوقت المقدر له شرعا وقيل فعله قضاء لأنه بعد الوقت الذي تضيق بظنه وإن بان خطؤه، ويظهر أثر الخلاف في نية الأداء أو القضاء وفي أنه لو فرض ذلك في الجمعة تصلى في الوقت على الأول وتقضى ظهرا لا جمعة على الثاني. (و) الأصح (أن من أخر) الواجب المذكور (مع ظن خلافه) أي عدم فوته فبان خلاف ظنه ومات مثلاً في الوقت قبل الفعل. (لم يعص) لأن التأخير جائز له والفوت ليس باختياره، وقيل يعصى وجواز التأخير مشروط بسلامة العاقبة، هذا إن لم يكن عزم على الفعل، وإن عصى بتركه العزم وإلا فلا يعصى قطعا قاله الآمدي. (بخلاف ما) أي الواجب الذي (وقته العمر كحج) فإن من أخره بعد أن أمكنه فعله مع ظن عدم فوته كأن ظن سلامته من الموت إلى مضيّ وقت يمكنه فعله فيه ومات قبل فعله يعصى على الأصح، وإلا لم يتحقق الوجوب، وقيل لا يعصى لجواز التأخير له وعصيانه في الحج من آخر سني الإمكان على الأصح لجواز التأخير إليها، وقيل من أولها لاستقرار الوجوب حينئذ، وقيل غير مستند إلى سنة بعينها. (مسألة) الفعل (المقدور) للمكلف (الذي لا يتم) أي يوجد عنده (الواجب المطلق إلا به واجب) بوجوب الواجب (في الأصح) سببا كان أو شرطا إذ لو لم يجب لجاز ترك الواجب المتوقف عليه، وقيل لا يجب بوجوبه لأن الدال على الواجب ساكت عنه، وقيل يجب إن كان سببا كالنار للإحراق بخلاف الشرط كالوضوء للصلاة لأن السبب أشد ارتباطا بالمسبب من الشرط بالمشروط، وقيل يجب إن كان شرطا شرعيا كالوضوء للصلاة لا عقليا كترك ضد الواجب ولا عاديا كغسل جزء من الرأس بغسل الوجه ولا إن كان سببا شرعيا كصيغة الاعتاق له أو عقليا كالنظر للعلم عند الإمام
وغيره أو عاديا كحز الرقبة للقتل، إذ لا وجود لمشروطه عقلاً أو عادة ولا لمسببه مطلقا بدونه، فلا يقصدهما الشارع بالطلب بخلاف الشرط الشرعي، فإنه لولا اعتبار الشرع لوجد مشروطه بدونه وخرج بالمقدور غيره كقدر الله وإرادته، إذ الإتيان بالفعل يتوقف عليهما وهما غير مقدورين للمكلف، وبالمطلق المقيد وجوبه بما يتوقف عليه كالزكاة وجوبها متوقف على ملك النصاب، فلا يجب تحصيله فالمطلق ما لا يكون مقيدا بما يتوقف عليه وجوده وإن كان مقيدا بغيره كقوله تعالى {أقم الصلاة لدلوك الشمس} فإن وجوبها مقيد بالدلوك لا بالوضوء والتوجه للقبلة ونحوهما. (فلو تعذر ترك محرم إلا بترك غيره) من الجائز قيل كماء قليل وقع فيه بول.