أما بعده فيقطع بكذبه لقيام الدليل القاطع على أنه خاتم النبيين، وقولي وتصديق أولى من قوله أو تصديق لإيهامه أنه لا بد مع المعجزة من تصديق نبي له وليس كذلك. (وخبر نقب) بضم أوّله وتشديد ثانيه وكسره أي فتش (عنه) في كتب الحديث (ولم يوجد عند أهله) من الرواة لقضاء العادة بكذب ناقله، وقيل لا يقطع بكذبه لتجويز العقل صدق ناقله، وهذا بعد استقرار الأخبار، أما قبله كما في عصر الصحابة فلأحدهم أن يروي ما ليس عند غيره كما قاله الإمام الرازي.
(وما نقل آحادا فيما تتوفر الدواعي على نقله) تواترا، إما لغرابته كسقوط الخطيب عن المنبر وقت الخطبة، أو لتعلقه بأصل ديني كالنص على إمامة علي رضي الله عنه في قوله صلى الله عليه وسلّم له «أنت الخليفة من بعدي» فعدم تواتره دليل على عدم صحته. وقالت الرافضة لا يقطع بكذبه لتجويز العقل صدقه. (وإما) مقطوع (بصدقه كخبر الصادق) أي الله تعالى لتنزهه عن الكذب ورسوله لعصمته عنه. (وبعض المنسوب للنبي) صلى الله عليه وسلّم وإن لم نعلم عينه (والمتواتر) معنى أو لفظا. (وهو) أي المتواتر (خبر جمع يمتنع) عادة (تواطؤهم) أي توافقهم (على الكذب عن محسوس) لا عن معقول لجواز الغلط فيه كخبر الفلاسفة بقدم العالم، فإن اتفق الجمع المذكور في اللفظ، والمعنى فهو لفظي، وإن اختلفوا فيهما مع وجود معنى كلي فهو معنوي، كما لو أخبر واحد عن حاتم بأنه أعطى دينارا وآخر بأنه أعطى فرسا وآخر بأنه أعطى بعيرا وهكذا. فقد اتفقوا على معنى كلي وهو الإعطاء. وعن محسوس متعلق بخبر (وحصول العلم) من خبر بمضمونه (آية) أي علامة (اجتماع شرائطه) أي المتواتر في ذلك الخبر. أي الأمور المحققة له، وهي كما يؤخذ من تعريفه كونه خبر جمع، وكونهم بحيث يمتنع تواطؤهم على الكذب وكونه عن محسوس. (ولا تكفي الأربعة) في عدد الجمع المذكور لاحتياجهم إلى التزكية فيما لو شهدوا بالزنا فلا يفيد قولهم العلم. (والأصح أن ما زاد عليها)(أن العلم فيه) أي في المتواتر (ضروري) أي يحصل عند سماعه من غير احتياج إلى نظر لحصوله لمن لا يتأتى منه النظر كالبله والصبيان، وقيل نظري بمعنى أنه متوقف على مقدّمات حاصلة عند السامع، وهي ما مر من الأمور المحققة لكون الخبر متواترا لا بمعنى الاحتياج إلى النظر عقب السماع، فلا خلاف في المعنى في أنه ضروري، إذ توقفه على تلك المقدّمات لا ينافي كونه ضروريا.
(ثم إن أخبروا) أي أهل الخبر المتواتر كلهم (عن محسوس لهم) بأن كانوا طبقة واحدة (فذاك) أي إخبارهم عن محسوس لهم واضح في حصول التواتر (وإلا) أي وإن لم يخبروا كلهم عن محسوس لهم