للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمن تلك السور التي نزلت جملة واحدة سورة براءة:

فقد روى البخاري في صحيحه عَنِ البَرَاءِ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: " آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ كَامِلَةً بَرَاءَةٌ". (١)

وقد رواه البخاري كذلك (٢) بلفظ: " آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ بَرَاءَةَ … "

دون لفظة " كاملة ".

وقد ذهب بعض العلماء إلى أن سورة براءة نزلت مفرقة ولم تنزل جملة واحدة مدعين عدم صحة لفظة "كاملة ".

قال بدر الدين العيني- رحمه الله-:

"قَوْله: (كَامِلَة) قَالَ الدَّاودِيّ: لفظ: كَامِلَة، لَيْسَ بِشَيْء لِأَن بَرَاءَة نزلت شَيْئًا بعد شَيْء، قلت: وَلِهَذَا لم يذكر لفظ: كَامِلَة، فِي هَذَا الحَدِيث فِي التَّفْسِير، وَلَفظه هُنَاكَ: آخر سُورَة نزلت بَرَاءَة ". (٣)

ولكن الطاهر بن عاشور ذكر في "التحرير والتنوير" أنها نزلت دفعة واحدة وقد عزا هذا القول لجمهور العلماء. (٤)

ومن تلك السور التي نزلت جملة واحدة كذلك سورة الفتح:

فقد روى البخاري في صحيحه عن عمر-رضي الله عنه- عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ، لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ) ثُمَّ قَرَأَ: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا) (الفتح: ١). (٥)

ومن تلك السور التي نزلت جملة واحدة كذلك سورة البينة:

فعَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَبَّةَ الْبَدْرِيَّ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَاب) [البينة: ١] إِلَى آخِرِهَا، قَالَ جِبْرِيلُ-عَلَيْهِ السَّلَامُ-: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُقْرِئَهَا أُبَيًّا، فَقَالَ النَّبِيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ لِأُبَيٍّ: (إِنَّ جِبْرِيلَ أَمَرَنِي أَنْ أُقْرِئَكَ هَذِهِ السُّورَةَ) قَالَ أُبَيٌّ: وَقَدْ ذُكِرْتُ ثَمَّ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: (نَعَمْ) قَالَ: فَبَكَى أُبَيٌّ. (٦)

وكذلك من السور التي نزلت جملة واحدة سورة الْكَوْثَر:

فعن أنس، قال: بينا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه متبسمًا، فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله قال: "أنزلت علي آنفًا سورة" فقرأ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ. فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ. إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} (الكوثر كاملة: ١ - ٣). (٧)

وكذلك من السور التي نزلت جملة واحدة سورة النصر:

فعن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، قال: قال لي ابن عباس: تعلم آخر سورة نزلت من القرآن، نزلت جميعًا؟ قلت: " نعم، إذا جاء نصر الله والفتح "، قال: صدقت. (٨)

وكذلك من السور التي نزلت جملة واحدة سورة المسد:

ثبت في الصحيحين من حديث عَنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: صَعِدَ النَّبِيُّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الصَّفَا ذَاتَ يَوْمٍ، فَقَالَ: (يَا صَبَاحَاهْ)، فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ، قَالُوا: مَا لَكَ؟ قَالَ: (أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ العَدُوَّ يُصَبِّحُكُمْ أَوْ يُمَسِّيكُمْ، أَمَا كُنْتُمْ تُصَدِّقُونِي؟)

قَالُوا: بَلَى، قَالَ: (فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ) فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ، أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ) (المسد: ١). (٩)


(١) رواه البخاري: (٤٣٦٤).
(٢) رواه البخاري: (٤٦٠٥).
(٣) - عمدة القاري: (١٨/ ١٨).
(٤) - التحرير والتنوير: (١٠/ ٩٧).
(٥) رواه البخاري: (٤١٧٧).
(٦) رواه أحمد في المسند: (١٦٠٠١)، وقال محققوه): حديث صحيح لغيره (. و أصله في البخاري: (٣٨٠٩)، ومسلم: (٧٩٩)، من حديث أنس.
(٧) أخرجه مسلم في ٤ - كتاب الصلاة ١٤ - باب حجة من قال: البسملة آية من أول كل سورة سوى براءة ١/ ٣٠٠ ح رقم ٤٠٠.
(٨) صحيح مسلم في صدر كتاب التفسير ٤/ ٢٣١٨ ح رقم ٣٠٢٤.
(٩) - رواه البخاري: (٤٨٠١)، ومسلم: (٢٠٨).

<<  <   >  >>