للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولًا: قوة أدلتهم وحجيتها ووجاهتها ورجحانها

ثانيًا: أن ترتيب السور المصحفي الذي استقر عليه المصحف الإمام هو الموافق لما هو مثبت في اللوح المحفوظ بلا شك وهو الذي أجمع عليه الصحابة - رضي الله عنهم - وتلقته الأمة بالقبول وعليه يجب التمسك والاعتصام والعمل به وعدم الحيد عنه سواء كان هذا الترتيب ترتيبًا توقيفيًا أم ترتيبًا اجتهاديًا، مع رد الدعوات المغرضة المنادية بإعادة ترتيب المصحف ترتيبًا نزوليًا أو ترتيبًا موضوعيًا ورد أي دعوة مماثلة لتك الدعاوي الباطلة الهابطة كتلك الدعاوي التي صدرت من بعض المستشرقين الذين سيأتي ذكرهم ومن تأثر بهم وتابعهم ونادى بفكرتهم من بعض المعاصرين كذلك.

[المبحث الرابع: بداية مخالفة ومعارضة الترتيب المصحفي بالترتيب النزولي وبيان مصدره]

لقد تَعرَّضَ لهذا الترتيب فئة من المستشرقين ولا غرابة في ذلك فهذا شأنهم وديدنهم، ولكن عندما يتعرض لهذا الترتيب فئة من بني جلدتنا وممن ينتمون لقبلتنا فمن هنا يأتي التعجب!.

فقد أحدث ثلاثة نفر خرقًا لهذا الإجمال، فصنفوا تفاسيرهم على الترتيب النزولي، تاركين الترتيب المصحفي الذي عليه عمل السلف واستقر عليه إجماع الأمة.

أما التفاسير الثلاثة فهي:

١ - تفسير بيان المعاني: وهو "تفسير كتاب الله الحكيم حسب النزول لـ" عبد القادر ملا حُوَيِّش" (ت: ١٣٩٨ هـ) (١).

٢ - التفسير الحديث: لـ" محمد عزة دروزة " (ت: ١٤٠٤ هـ) (٢).

٣ - كتاب "معارج التفكر ودقائق التدبر" لـ" عبد الرحمن حبنكة الميداني" (ت: ١٤٢٥ هـ). (٣).

أما الشيخ "عبد القادر ملا حُوَيِّش "، والأستاذ "محمد عزة دروزة"، وهما (معاصريين) قد أقرا بأن ترتيب السور في المصحف توقيفي ولا يجوز مخالفة هذا الترتيب، لأنه كان بوحي من الله إلى جبريل إلى رسول الله-صلى الله عليه وسلم- ". (٤)

ومع ذلك فقد خالفا الترتيب التوقيفي في تفسيريهما، وقد احتجا بأن طريقة تناول التفسير تختلف عن الترتيب المصحفي، وقد قدما أعذارًا لا تقوم بها حجة ولا تضح بها محجة.

ولم يتعرض الباحث هنا لتلك الحجج الواهية ومناقشتها والرد عليها لضعفها ووهنها من جهة وطولها كذلك، ولكونهم لم يقدموا أي أدلة مقنعة يمكن أن تنهض للاحتجاج من جهة أخرى، وقد ناقشها الباحث مع مدارسة التفاسير الثلاثة في بحث خاص. (٥)

وقد أملى كل من " حُوَيِّش " و"دروزة" تفسيرًا معاصرًا قد رتبه كل منهما ترتيبًا نزوليًا لا


(١) وحُوَيِّش هو: عبد القادر بن ملّا حُوَيِّش السيد محمود آل غازي (ت: ١٣٩٨ هـ) العاني، الديرزوري، الفراتي. وهو حنفي أشعري.
"واتُهِمَ بأنه كان "صوفيًا نقشبنديًا"، ولكن ابنه نفى ذلك وأخبر أنه كان يذهب إلى شيخ الطريقة النقشبندية ويستضيفه في بيتنا". فحسب! .. ! ..
يُنظر: التفسير والمفسرون أساسه واتجاهاته ومناهجه في العصر الحديث. د فضل عباس حسن: (٣/ ٢٥٠).، دار النفائس-عمان-الأردن، ط ١، ١٤٣٧ هـ.
(٢) محمد عزة بن عبد الهادي دَرْوَزَة: (٢١/ ٦/ ١٨٨٧ م-٢٦/ ٦/ ١٩٨٤ م)، مفكر وكاتب ومناضل قومي عربي ولد في نابلس وتوفي في دمشق، إضافة إلى نضاله السياسي، كان أديبًا ومؤرخًا وصحفيًا ومترجمًا ومفسرًا للقرآن، هو أحد مؤسسي الفكر القومي العربي.
للاستزادة من ترجمته يُنظر:
١ - مولد محمد عزة دروزة: موقع قصة الإسلام. تاريخ الولوج ٦/ ١١/ ٢٠٠٩ م.
٢ - محمد عزة دروزة: الكاتب المناضل موقع إسلام أون لاين. تاريخ الولوج ١٤/ ١٢/ ٢٠٠٩ م.
٣ - العهد الناصري والانتقال من التنظير إلى التطبيق جريدة الوطن. شاكر النابلسي، تاريخ الولوج ٢٥/ ١١/ ٢٠٠٩ م. نقلًا عن الموسوعة الحرة.
(٣) - وُلدَ الشيخ عبد الرحمن حَبَنَّكَة المَيداني الدِّمشقي سنة: (١٣٤٥ هـ -١٩٢٧ م)، في أحد أعرق أحياء دمشقَ، حيِّ المَيدان، لأُسرة علمٍ ودعوة وجهاد؛ فأبوه العلاَّمةُ المربِّي المجاهد حاملُ لواء الدَّعوة في الشام، الإمامُ حسن حَبَنَّكَة المَيداني، عضوُ المجلس التأسيسيِّ لرابطة العالم الإسلاميِّ، وتَرجعُ أُصولُ أسرة الشيخ إلى عَرَب بني خالد الذين تمتدُّ منازلُهم إلى بادية حَماة من أرض الشام.
وفي ليلة الأربعاء ٢٥ من جُمادى الآخرة ١٤٢٥ هـ قضى الله قضاءه الحقَّ بوفاة الشيخ عبد الرحمن حَبَنَّكَة المَيداني، عن ٨٠ سنة، في إثْر مرض ألمَّ به.
للاستزادة: يُنظر: العلامة المفكر عبدالرحمن حبنكة الميداني-أيمن بن أحمد ذو الغني-مقال عن موقع الألوكة- بتاريخ: ١٩/ ٣/ ١٤٢٨ هـ.، ويُنظر "زوجي كما عرفته"-عائشة الجراح-دار القلم- دمشق (د. ت).
(٤) - يُنظر: بيان المعاني ١/ ٣، والتفسير الحديث ١/ ٩.، التفاسير حسب ترتيب النزول في الميزان: د. مصطفى مسلم. مقال عن موقع أهل التفسير، بتاريخ: ١٥/ ١٢/ ١٤٣٢ هـ. بتصرف يسير لينتظم الكلام ويتآلف فحسب.
(٥) - يُنظر: عرفة بن طنطاوي، التفاسير التي رُتِبَت على ترتيب النزول والرد عليها. عرض، ودراسة، ومناقشة.

<<  <   >  >>