للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مرتبًا لآيات سوره على ما وقفهم عليه النبي -صلى الله عليه وسلم-. (١)

ثالثًا: تتلخص أبرز الأسباب والدواعي لهذا الجمع فيما يلي:

١ - انقطاع الوحي بوفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فكان لزامًا على المسلمين حفظ كتاب ربهم من الضَّياع.

٢ - ويعد من الأسباب الرئيسة والباعثة على كتابة القرآن وجمعه في عهد الصديق رضي الله عنه مقتل سبعين من القراء يوم اليمامة، إذا كان الخوف من ضياع شيء من القرآن وذهابه بذهاب وموت حملته وحفاظه في حروب الردة.

٣ - كما كان خشية تكرار تحري القتل في حفاظ القرآن فيما يستقبل من معارك وجهاد المشركين من الأسباب الداعية لجمعه في مكان واحد كذلك، ويخشى أن يكون عند أحد من الصحابة شيء من القرآن المكتوب فيذهب بموت حامله.

لذا فإنه لمّا تحر القتل في القراء يوم اليمامة وخشي الصحابة رضي الله عنهم ذهاب القرآن بذهاب حملته الذين قتلوا في حرب المرتدين، وخشيتهم استمرار ذلك القتل فيما يستقبل من معارك كذلك؛ فأجمعوا أمرهم على جمع القرآن في مكان واحد بقيادة أبي بكر- رضي الله عنهم أجمعين.

و إن أمر هذا الجمع كان معتمده على المحفوظ في الصدور والمكتوب في السطور، ولذلك اعتنى الصديق بتلك الصحف عناية بالغة بالصحف فبقيت عنده حتى وفاته، ثم عند عمر حتى وفاته، ثم بقيت عند حفصة حتى طلبها عثمان رضي الله عنه في جمع الأمة على " الإمام".

"وكان الغرض من هذا الجمع تقييد القرآن كله مجموعًا في مصحف واحد حتى لا يضيع منه شيء، دون أن يحمل الناس عليه لعدم ظهور الخلاف في قراءته". (٢)

[المبحث الخامس: مميزات جمع أبي بكر- رضي الله عنه-]

أما عن مميزات هذا الجمع فيُجملها الزرقاني (ت: ١٣٦٧ هـ) - رحمه الله- في مناهله فيما يلي:

مزايا جمع القرآن في عهد أبي بكر

كان لِجمع القرآن في عهد أبي بكر رضي الله عنه منزلة عظيمة بين المسلمين، فلم يَحصل خلاف على شيء مِمَّا فيه، وامتاز بِمزايا عديدة، منها:

أولًا: أنه جمع القرآن على أدقِّ وجوه البحث والتحري، وأسلم أصول التثبت العلمي ..

ثانيًا: حصول إجماع الأمة على قبوله، ورضى جميع المسلمين به.

ثالثًا: بلوغ ما جُمِع في هذا الجمع حدّ التواتر، إذ حضره وشهد عليه ما يزيد على عدد التواتر من الصحابة.

رابعًا: أنه اقتصر في جمع القرآن على ما ثبت قرآنيته من الأحرف السبعة، بثبوت عرضه في العرضة الأخيرة، فكان شاملاً لما بقي من الأحرف السبعة (٣)، ولم يكن


(١) المصاحف لابن أبي داود: (١١/ ١٦).
(٢) أصولٌ في التفسير، لمحمد بن صالح بن عثيمين: (ص: ٣).
(٣) وثبوت الأحرف السبعة في هذا الجمع محل خلاف عند أهل التحقيق، وهو كذلك في مصحف عثمان، ويحتاج لدراسة متأنية وتحقيق وتدقيق وطول تأمل وإمعان نظر فيما كان عليه رسم هذا المصحف، وهل رسم محتملا لتك الأحرف السبعة كالمصاحف العثمانية التي نسخت عن المصحف الإمام وبعث بها عثمان إلى الأمصار وبعث مع كل مصحفٍ قارئًا يقرئ بما يحمله من رسم على الأغلب، والبعض يرى إن استفاضة القول بأن مصحف أبي بكر رضي الله عنه اشتمل على الأحرف السبعة وتلقي العلماء له بالقبول لا تكفي للجزم والقطع ولكنها تكفي للظن الراجح، والظن الراجح كاف في هذه القضايا والمسائل-عند بعض أهل العلم-. والله أعلم. الباحث.

<<  <   >  >>