ترتيبًا مصحفيًا، و "حُوَيِّش" هو رأس الحربة الذي ابتدأ هذا الأمر الجلل، إذ هو أول من أقبل على هذا العمل الذي خالف فيه ما درج عليه أئمة التفسير وسادات التحبير والتأويل سلفًا وخلفًا، ثم تبعه "دروزة"- كذلك-، وقد تبعهما على هذا العمل كذلك - أيضًا- الشيخ "عبد الرحمن حبنكة الميداني".
وجميع هؤلاء بذلك قد خرقوا إجماع الأمة على اتباع الترتيب المصحفي والذي عليه عمل أئمة التفسير من السلف والخلف، وفي حدود علم الباحث واطلاعه الضيق أن هذا العمل لم يسبقهم إليه أحدٌ أبدًا من هذه الأمة، إلا ما كان من دعوة ونداء بعض المستشرقين لإعادة ترتيب القرآن ترتيبًا نزوليًا وذلك سعيًا منهم لبث الشبهات حول القرآن ولزعزعة الثقة في كتاب الله ولاسيما في نفوس الأجيال المقبلة،
ومن أبرز هؤلاء المستشرقين:
١ - المستشرق الألماني غوستاف ليبرشت فْلوجِل: (ت: ١٢٧٨ هـ).
٢ - والمستشرق الألماني اليهودي غوستاف فايل: (ت: ١٣٠٦ هـ).
٣ - والمستشرق الألماني فريدريش شفالي: (ت: ١٣٣٨ هـ)، وهو تلميذ تيودور نولدكه
٤ - وشيخ المستشرقين الألماني تيودور نولدكه: (ت: ١٣٤٩ هـ).
وهو من أوائل المستشرقين الذين أثاروا مسألة إعادة ترتيب القرآن الكريم، "وفق ترتيب النزول". ولقد أفنى جزءًا كبيرًا من حياته، معتمدًا على كتاب أبي القاسم عمر بن محمد بن عبد الكافي من رجال القرن الخامس. (١)
ويقال بأنه ندم في آخر حياته على الجهد الكبير الذي بذله في علم لا يمكن أن يصل فيه إلى نتائج قطعية بسبب اختلاف الروايات وتضاربها.
٥ - والمستشرق الإنجليزي ديفيد صموئيل مرجليوث: (ت: ١٣٥٨ هـ).
٦ - والمستشرق الفرنسي ريجي بلاشير: (ت: ١٣٩٣ هـ)
وقد قام "بلاشير" (زعمًا منه) بترجمة القرآن الكريم للفرنسية عام ١٣٧١ هـ-١٩٥٠ م، والحقيقة أن الترجمة تمتنع تمامًا لأسباب كثيرة لا يسع المجال لذكرها، وإن الذي يمكن ترجمته إنما هو معاني القرآن فحسب.
وقد رتب "بلاشير" تلك الترجمة المزعومة بحسب ترتيب النزول أول الأمر. ثم بعد سبع سنوات من تأمله ثبت لديه عدم صواب وجدوى طريقته الأولى التي استخدمها ألا وهي الترتيب بحسب ترتيب النزول فأعاد ترتيب ترجمته هذه بحسب الترتيب المصحفي.
ولقد تأثر بهؤلاء المستشرقين الكفرة بعض المعاصرين كذلك، ومن أمثال هؤلاء:
١ - يوسف راشد (ت:؟) الذي يقول:
"إن ترتيب القرآن في وضعه الحالي يبلبل الأفكار ويضيع الفائدة من تنزيل القرآن، لأنه يخالف منهج التدرج التشريعي الذي روعي في النزول. ويفسد نظام التسلسل الطبيعي للفكرة، لأن القارئ إذا انتقل من
(١) - يُنظر: تاريخ القرآن لأبي عبد الله الزنجاني: (ص: ٧١).