للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سورة مكية إلى سورة مدنية اصطدم صدمة عنيفة، وانتقل بدون تمهيد إلى جو غريب عن الجو الذي كان فيه. وصار كالذي ينتقل من درس في الحروف الأبجدية إلى درس في البلاغة". (١)

وكذلك له رسالة تحت عنوان: "رتبوا القرآن كما أنزله الله".

وقد أقام اللهُ لها الدكتورَ/ محمد عبد الله دراز-رحمه الله- فقام بالرد عليها بتقرير رفعه إلى إدارة الأزهر. (٢)

٢ - وميرزا باقر الأسكوئي الحائري الرافضي (ت: ١٣٠١ هـ)

٣ - والدكتور/ يوسف صديق التونسي (معاصر) من مواليد (١٣٦٢ هـ)، هو فيلسوف وعالم انثروبولوجي.

٤ - وعائشة بنت عبد الرحمن المعروفة بـ "بنت الشاطئ" (ت: ١٤١٩ هـ) والتي لها التفسير البياني للقرآن، وقدر صدر في جزئين تناولت فيه تفسير بعض سور القرآن.

وأخيرًا فهل تحققت الأهداف التي رامها مُفْتَتِحُو هذا الباب

أولًا: لم تتحقق تلك الأهداف كما مر معنا، وكيف تتحقق في أمر عظيم جلل أجمع عليه جماهير العلماء سلفًا وخلفًا وقد خرقوا هذا الإجماع.

ثانيًا: كيف تتحقق تلك الأهداف ولم تقترن بأي مبررات مقنعة أو أي معالم ظاهرة أو حجج دامغة وبراهين ساطعة وأجوبة مسكتة.

وإنما الذي تحقق من الأهداف هو ما أراده مُؤسسو ومرجو هذا الفكرة أولًا من المستشرقين، بل إن أحدهم قد تراجع عن هذا العمل ألا وهو المستشرق الفرنسي ريجي بلاشير: (ت: ١٣٩٣ هـ) وقد مر معنا آنفًا ذكر خبر تراجعه عن ترتيب ترجمته للقرآن بحسب ترتيب النزول لما رأى خطأه، فأعاد ترتيب تلك الترجمة بحسب الترتيب المصحفي، هذا مع سوء نيته وخبث طويته.

فهل كان للثلاثة نفر الذين خرقوا هذا الخرق أن يتراجعوا عن فعلهم كما تراجع عن مثله ذلك المستشرق، ويؤبوا إلى ما أجمع عليه أسلافهم الصالحون، لأنهم بذلك قد أفسدوا نظم القرآن.

وقد قيل في نحو ذلك: "من قدم سورة أو أخرها فقد أفسد نظم القرآن". (٣).

وَلَمَّا أنهم كانوا قد قضوا نحبهم وقضوا آجالهم فحق لأهل الحل والعقد من الجهات المعنية في الأمة أن يبرموا في ذلك أمر رشيدًا وأن يعملوا على رأب صدعهم بعد أن أفضوا إلى ربهم، فكان لزامًا عليهم أن يقوموا بما أوجب الله عليهم تجاه كتاب ربهم، ولقد عناهم الله بقوله: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ) (آل عمران: ١٨٧).

قال ابن سعدي في تفسيره:

"الميثاق هو العهد الثقيل المؤكد، وهذا الميثاق أخذه الله تعالى على كل من أعطاه الله الكتب وعلمه العلم، أن يبين للناس ما يحتاجون إليه مما علمه الله، ولا يكتمهم ذلك، ويبخل عليهم به، خصوصًا إذا سألوه، أو وقع ما يوجب ذلك، فإن كل من عنده علم يجب عليه في تلك الحال أن يبينه،


(١) - مقال: " النقد الفني لمشروع ترتيب القرآن الكريم حسب نزوله"، عبد الله دراز، مجلة الأزهر، رئيس التحرير: محمد فريد وجدي بكّ، تحت إدارة ديوان الإدارة للأزهر، والمعاهد الدينية، بالقاهرة، عدد شهر رمضان سنة (١٣٧٠ هـ/ ١٩٥٠ م، مجلد ٢٢). مطبعة الأزهر، ص: ٧٨٤.
(٢) -وقد نشر هذا الرد في مجلة " كنوز القرآن" في عدد أكتوبر ١٩٥١ م. يُنظر: الجمع الصوتي للقرآن: (ص: ٣٥٩) وهامش (١).
(٣) الإتقان: السيوطي ج ١ ص ٦٢. وعزاه لابن الأنباري.

<<  <   >  >>