للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدفتين، الذي حواه مصحف عثمان، وأنه لم ينقص منه شيئًا، ولا زيد فيه، وأن ترتيبه، ونظمه ثابت على ما نظمه الله تعالى، ورتبه عليه رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من آي السور، لم يقدم من ذلك مؤخر ولم يؤخر مقدم". (١)

وقال الزرقاني (ت: ١٣٦٧ هـ) -رحمه الله-:

ولقد" انعقد إجماع العلماء على أن ترتيب الآيات في السورة كان بتوقيف من النبي -صلى الله عليه وسلم-عن الله عز وجل، وأنه لا مَجال للرأي والاجتهاد فيه، ولم يُعْلَم في ذلك مُخالفٌ". (٢)

وممن قال بالإجماع الذي حكاه السيوطي والزرقاني كذلك كل من:

١ - ابن قدامة المقدسي (ت ٦٢٠ هـ) حيث يقول- رحمه الله-:

ترتيب الآيات واجب؛ لأن ترتيبها بالنص إجماعًا. (٣)

٢ - وأبو جعفر الغرناطي (ت ٧٠٨ هـ) حيث يقول- رحمه الله-:

اعلم أولاً أن ترتيب الآيات في سورها وقع بتوقيفه وأمره-صلى الله عليه وسلم-، من غير خلاف في هذا بين المسلمين. (٤)

٣ - والملا على القاري (ت ١٠١٤ هـ) حيث يقول- رحمه الله-:

ترتيب الآيات توقيفي، وعليه الإجماع. (٥)

٤ - وشهاب الدين النفراوي (ت: ١١٢٧ هـ) حيث يقول- رحمه الله-:

ترتيب الآيات توقيفي اتفاقًا. (٦)

وقد دل على ذلك أيضًا أدلة كثيرة من السنة الصحيحة الثابتة عن المعصوم -صلى الله عليه وسلم-وهي أكثر من أن تُحصى ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:

١ - منها ما أخرجه البخاري في صحيحه عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ قُلْتُ لِعُثْمَانَ هَذِهِ الْآيَةُ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا) إِلَى قَوْلِهِ (غَيْرَ إِخْرَاجٍ) (البقرة من آية: ٢٤٠) قَدْ نَسَخَتْهَا الأُخْرَى فَلِمَ تَكْتُبُهَا قَالَ تَدَعُهَا يَا ابْنَ أَخِي لا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْهُ مِنْ مَكَانِهِ. (٧).

فردُ عثمانَ بن عفان على ابْن الزُّبَيْرِ يُفهم منه أنهم-رضي الله عنهم أجمعين- يعلمون أماكن ترتيب الآيات فتَرَكَهَا عثمان مكانها مثبتةً لأن القرينة تدل عليها، ولأنه هو الذي تعلموه وهو المعمول به لديهم.

٢ - ومنها ما رواه مسلم في صحيحه عن عمر قال ما سألت النبي - صلى الله عليه وسلم- عن شيء أكثر مما سألته عن الكلالة حتى طعن بإصبعه في صدري وقال ألا تكفيك آية الصّيْف التي في آخر سورة النساء. (٨)

فآية الكلالة مكانها في نهاية سورة النساء وخواتيمها، ولما سأل عمرُ رضي الله عنه رسولَ الله ـ صلى الله عليه وسلم- أرشده إلى مكانها في آخر السورة.

ومن هنا يتبين لنا أمران:


(١) - المرجع السابق: (ص: ١٦٣).
(٢) مناهل العرفان للزرقاني: (١/ ٣٤٦).
(٣) - كشاف القناع عن متن الإقناع: (١/ ٣٤٤). ويُنظر: المبدع في شرح المقنع (١/ ٤٣٣). والإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل: (١/ ١١٩).
(٤) - البرهان في تناسب سور القرآن ـ للغرناطي،: (صـ ١٨٢). البرهان فى تناسب سور القرآن المؤلف: أحمد بن إبراهيم بن الزبير الثقفي الغرناطي، أبو جعفر (المتوفى: ٧٠٨ هـ) تحقيق: محمد شعباني دار النشر: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ـ المغرب عام النشر: ١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م عدد الأجزاء: ١.
(٥) - مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ـ الملا علي بن سلطان محمد القاري: (٤/ ١٥٢٠). مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح المؤلف: علي بن (سلطان) محمد، أبو الحسن نور الدين الملا الهروي القاري (المتوفى: ١٠١٤ هـ) الناشر: دار الفكر، بيروت - لبنان الطبعة: الأولى، ١٤٢٢ هـ - ٢٠٠٢ م عدد الأجزاء: ٩.
(٦) الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني ـ أحمد بن غانم (أو غنيم) بن سالم بن مهنا، شهاب الدين النفراوي الأزهري: ١/ ٥٦، ٦٦. الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف: أحمد بن غانم (أو غنيم) بن سالم ابن مهنا، شهاب الدين النفراوي الأزهري المالكي (المتوفى: ١١٢٦ هـ) الناشر: دار الفكر الطبعة: بدون طبعة تاريخ النشر: ١٤١٥ هـ - ١٩٩٥ م عدد الأجزاء: ٢.
(٧) أخرجه البخاري في الصحيح برقم (٤٥٣٦).
(٨) رواه مسلم برقم (١٦١٧).

<<  <   >  >>