للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال النووي رحمه الله:

"وقد اتفق العلماء على أن أصح الكتب بعد القرآن العزيز صحيحا البخاري ومسلم، وقد تلقتهما الأمة بالقبول". (١)

قال ابن طاهر القيسراني (ت: ٥٠٧) -رحمه الله-:

"أجمع المسلمون على قبول ما أخرج في "الصحيحين" لأبي عبدالله البخاري، ولأبي الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري، أو ما كان على شرطهما ولم يخرجاه". (٢)

وأخيرًا

فـ" إن هذا التفسير الجامع المانع كما وصفه صاحبه والذي كان أبناء عصرنا في أمس الحاجة إليه.

من الحق أنه جامع حقًا، ولكن لكل ما هو غريب وضار ومنكر وموضوع.

وإنه لمانع كذلك، ولكن لكل ما فيه لأهل هذا العصر من خير في دينهم ودنياهم، وأنه ينبغي أن يحال بين هذا الكتاب وأهل هذا العصر، والذي يطعن صاحبه في أصح الكتب بعد كتاب الله، ومع ذلك فقد ملأ كتابه بما هو بعيد كل البعد عن التفسير ومعناه.

وبعد فلا أرى داعيًا لتقيم هذا التفسير، فإن نصوصه هي خير مقيم له.

وإن كان الخازن كما يسميه البعض خازنًا للإسرائيليات كما قيل، فإن مفسرنا خزان لا للإسرائيليات فحسب، بل للأحاديث الموضوعة والمنكرة التي يتورع عن ذكر مثلها الخازن وغيره، وإن كان الثعالبي حاطب ليل كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية (ت: ٧٢٨ هـ)، فإن مفسرنا حاطب في ليل دامس، وأخيرًا فإن مثل هذا التفسير يستدعى من العلماء العناية والرقابة حول ما يكتب حول كتاب الله، هذا ونسأل الله أن يجنبنا الزلل في القول والعمل وأن يجعلنا من المتيقظين لهذا وأمثاله، ولا حولا ولا قوة إلا بالله العلي العظيم". (٣)

ولاشك أن ملا حويش لم يفعل ذلك ويقدم عليه إلا لدوافع يراها ويقتنع بها،

فقد قال في مقدمة تفسيره بيان المعاني:

"واعلم أن الخليفة عثمان-رضي الله عنه- ومن معه من الأصحاب إنما لم يأخذوا برأيه- أي رأي الإمام علي بن أبي طالب-رضي الله عنه- حيث كان قد رتب مصحفه على ترتيب النزول- لأن السور والآيات كانت مرتبة ومجموعة على ما هو في المصاحف الآن، وهو أمر توقيفي لا مجال للرأي فيه، وليعلم أن تفسيره على رأي الإمام علي كرم الله وجهه (٤) لا يشك أحد بأنه كثير الفائدة عام النفع، لأن ترتيب النزول غير التلاوة، ولأن العلماء رحمهم الله لما فسروه على نمط المصاحف اضطروا لأن يشيروا لتلك الأسباب بعبارات مكررة، إذ بين ترتيبه في المصاحف وترتيبه حسب النزول بعد يرمي للزوم التكرار، بما أدى إلى ضخامة تفاسيرهم، ومن هذا نشأ الاختلاف بأسباب النزول والناسخ والمنسوخ والأخذ والرد فيما يتعلق منهما.

وقد علمت بالاستقراء أن أحدًا لم يقدم تفسيره بمقتضى ما أشار


(١) شرح النووي على صحيح مسلم (١/ ١٤).
(٢) - صفوة التصوف، نقلًا عن أحاديث الصحيحين بين الظن واليقين للشيخ ثناء الله الزاهدي (١٨/ ٢٩٤ - ضمن مجلة البحوث الإسلامية الصادرة عن الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد).
(٣) يُنظر: التفسير والمفسرون أساسه واتجاهاته ومناهجه في العصر الحديث (مرجع سابق). د فضل حسن عباس: (٣/ ٢٥٧)، دار النفائس-عمان-الأردن، ط ١، ١٤٣٧ هـ. بتصرف يسير.
(٤) - قال ابن كثير رحمه الله تعالى:
قلت: وقد غلب هذا في عبارة كثير من النساخ للكتب أن يفرد علي رضي الله عنه بأن يقال: "عليه السلام " من دون سائر الصحابة أو " كرم الله وجهه "، وهذا وإن كان معناه صحيحًا لكن ينبغي أن يسوى بين الصحابة في ذلك فإن هذا من باب التعظيم والتكريم والشيخان وأمير المؤمنين عثمان أولى بذلك منه رضي الله عنهم. يُنظر: تفسير ابن كثير: (٣/ ٥١٧ - ٥١٨).
و" تلقيب علي بن أبي طالب بتكريم الوجه وتخصيصه بذلك من غلو الشيعة فيه، ويقال إنه من أجل أنه لم يطَّلع على عورة أحد أصلاً، أو لأنه لم يسجد لصنم قط. وهذا ليس خاصّاً به بل يشاركه غيره من الصحابة الذين وُلدوا في الإسلام.
يُنظر: فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية، فتوى رقم: (٣/ ٢٨٩). .
وكذلك تخصيص على بن أبي طالب رضي الله عنه وآل البيت بالسلام من خصائص الرافضة كذلك. فلينتبه. الباحث.

<<  <   >  >>