للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإمكان، من غير أن أحكم فيه برأي، أو أقضي عليه بتأويل، ولم يجز لي أن أنص بالإسناد إلى من له أصل التفسير، إذ كنت لم أقتصر على وحي القوم حتى كشفته. وعلى إيمائهم حتى أوضحته، وزدت في الألفاظ ونقصت، وقدّمت وأخّرت، وضربت لذلك الأمثال والأشكال، حتى يستوي في فهمه السامعون" (١)

ثم إن ابن قتيبة قد استعرض في كتابه الآيات التي أورد الطاعنون عليها إشكالاتهم في مواضعها من سورها من القرآن، غير مراع للترتيب المصحفي، بل إنه يذكر ما يريد الكلام عليه من الآيات التي ورد عليها الإشكالات، ثم ينتقل إلى غيرها، وقد يعود للسورة السابقة بعد انتقاله لغيرها إن احتاج المقام الداعي إلى ذلك.

وهنا يرد سؤال هل يُعد كتاب ابن قتيبة كتاب تفسير خالص؟ أم أنه كتاب ورد في جانب من الجوانب ألا وهو الرد على افتراءات ومطاعن وشبهات في جانب معين ألا وهو جانب ما ظاهره الإشكال في القرآن، وابن قتيبة قد ذهب في سورة ويرجع إليها كذلك.

وهل يُقال بعد ذلك أنه كتاب تفسير محض؟ أم إن موضوعه كموضوع كتاب "دفع إيهام الاضطراب عن الكتاب" للشنقيطي، والذي قد جمع فيه ما تيسر من أوجه الجمع بين الآيات التي يُظَنُّ بها التعارض في القرآن الكريم، مُرتِّبًا لها على حسب الترتيبي المصحفي، لا النزولي، ولا أعلم أن أحدًا من أهل العلم ولا غيرهم من الباحثين منذ زمن العلامة الشنقيطي حتى وقتنا الحاضر يذكر أن له كتاب تفسير سوى كتابه الشهير المعروف" أضواء البيان".

وهناك أطروحة علمية "رسالة دكتوراه" بعنوان: (المؤلفات في مشكل القرآن الكريم ومناهجها) بالجامعة الإسلامية بالمدينة، وقد جمع الباحث (٢) فيها ما أُلِف في مشكل القرآن وقد أوصلها إلى ستة وتسعين مصنفًا، ما بين مخطوط ومفقود ومطبوع، أما المطبوع منها فيزيد على الخمسين مصنفًا، وأما المخطوط فقرابة سبعة عشر مخطوطًا.

فهل أعد أهل العلم ما صُنِفَ في هذا الباب من بين الكتب الملحقة بكتب التفسير؟ أم ضمن مصنفات مشكل القرآن فحسب؟

وهل مصنفات مشكل القرآن تعالج ما تعالجه المصنفات في التفسير من الشمولية، أم أنها تعالج جانبًا واحدًا فحسب.

هذا ولقد اعتمد "دروزة" في تفسيره على الترتيب الوارد في مصحف " قدروغلي"، لأنه قد ذكر فيه أنه طبع تحت إشراف لجنة خاصة من ذوي العلم والوقوف حيث يتبادر إلى الذهن أن قد أشير إلى ترتيب النزول فيه (سورة كذا نزلت بعد سورة كذا) بعد اطلاع اللجنة على مختلف الروايات والترجيح بينهما. (٣)


(١) ابن قتيبة، تأويل مشكل القرآن، المقدمة ص ٤، تأويل مشكل القرآن المؤلف أَبُو مُحَمَّدٍ، عَبْدُ اللهِ بنُ مُسْلِمِ بنِ قُتَيْبَةَ الدِّيْنَوَرِيُّ (المتوفى: ٢٧٦ هـ) المحقق: إبراهيم شمس الدين الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان. ويُنظر: نظرة حول كتاب " تأويل مشكل القرآن " لابن قتيبة، مقال لـ" عبد العظيم أنفلوس " عن موقع أهل التفسير، بتاريخ: ١٨/ ٣/ ١٤٣٨ هـ
(٢) والباحث هو: عبدالرحمن بن سند بن راشد الرحيلي، يُنظر: قاعدة المنظومة للرسائل الجامعية.
(٣) - محمد عزت دروزة، مقدمة التفسير: (ص: ١٢ - ١٣).

<<  <   >  >>