للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على حالهم, قال: اذهبي به إليهم, فقالت: أنت لم تأكل أدماً منذ كذا وكذا, قال: إن هذا إذا أكلوه كان عند الله مذخوراً, وإذا أكلته كان في الحش (١).

وكانت حالهم حال المنفق المتصدق؛ من يُقدم ولا يؤخر, وينفق ولا يقبض رغم قلة الحال وضيق ما في اليد.

هذا أبو الحسين النوري مكث عشرين سنة يأخذ من بيته رغيفين, ويخرج ليمضي إلى السوق فيتصدق بالرغيفين, ويدخل المسجد فلا يزال يركع حتى يجيء وقت سوقه, فإذا جاء الوقت مضى إلى السوق فيُظنُّ أنه قد تغدى في بيته ومن هم في بيته عندهم أنه قد أخذ منه غداءه؛ وهو صائم! !

وهذا الإنفاق وسيلة إلى التقرب إلى الله عز وجل بدفعه والتصدق به على المحتاجين ومساعدة المعسرين! !

قال عبيد بن عمير: يحشر الناس يوم القيامة أجوع ما كانوا قط, وأعطش ما كانوا قط, فمن أطعم لله أطعمه الله, ومن سقى لله سقاه الله, ومن كسا لله كساه الله.

يقول ابن القيم رحمه الله: فإن من بخل بماله أن ينفقه في سبيل الله وإعلاء كلمته سلبه الله إياه أو قيض له إنفاقه فيما لا ينفعه دنيا ولا أخرى, وإن حبسه وادخره منعه التمتع به ونقله إلى غيره فيكون له مهنؤه, وعلى مخلفه وزره, وكذلك من رفّه بدنه وعرضه


(١) تاريخ بغداد ٨/ ٣٥٣.

<<  <   >  >>