وصدق الثوري رحمة الله: فإن من قصر أمله لم يتسابق في المأكولات والمطعومات, ولا يتفنن بالملبوسات, وأخذ من الدنيا ما تيسر واجتزا منها بما يبلغه (١).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله مفصلاً ما قد يكون مشوشاً على بعض الناس بشأن الأكل والشرب, فقال في كلام مفيد وتفصيل دقيق:
وأما الأكل واللباس: فخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - وكان خلقه في الأكل أنه يأكل ما تيسر إذا اشتهاه, ولا يرد موجوداً, ولا يتكلف مفقوداً, فكان إن حضر خبز ولحم أكله, وإن حضر فاكهة وخبز ولحم أكله, وإن حضر تمر وحده أو خبز وحده أكله, وإن حضر حلو وعسل طعمه أيضاً فلم يكن إذا حضر لونان من الطعام يقول: لا آكل لونين, ولا يمتنع من طعام لما فيه من اللذة والحلاوة.
وكان أحياناً يمضي الشهران والثلاثة لا يوقد في بيته نار, ولا يأكلون إلا التمر والماء, وأحياناً يربط على بطنه الحجر من الجوع, وكان لا يعيب طعاماً, فإن اشتهاه أكله, وإلا تركه. وأكل على مائدته لحم ضب فامتنع من أكله, وقال "إنه ليس بحرام, ولكن لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه".