للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأعرض عن مطاعم قد أراها ... فأتركها وفي بطني انطواء

فلا وأبيك ما في العيش خير ... ولا الدنيا إذا ذهب الحياء

قال الشافعي رحمه الله: ما شبعت منذ ست عشرة سنة, لأن الشبع يثقل البدن, ويقسي القلب, ويزيل الفطنة, ويجلب النوم, ويضعف صاحبه عن العبادة.

فانظر إلى حكمته في ذكر آفات الشبع ثم في جدِّه في العبادة, إذ طرح الشبع لأجلها, ورأس التعبد تقليل الطعام (١).

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في تفسير قوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (٢) جمع الله فيها أموارً كثيرة نافعة في الدين والبدن والحال والمآل, فالأمر بالأكل والشرب يدل على الوجوب, وأن العبد لا يحل له ترك ذلك شرعاً كما لا يتمكن من ذلك قدراً ما دام عقله معه, وأن الأكل والشرب من نية امتثال أمر الله يكون عبادة, وأن الأصل في جميع المأكولات والمشروبات الإباحة, إلا ما نص الشارع على تحريمه لضرره لإطلاق ذلك, وعلى أن كل أحد يأكل ما ينفعه ويناسب ويليق به ويوافق لغناه وفقره, ويوافق لصحته ومرضه ولعادته وعدمها, لأنه حذف المأكول.

والآية ساقها الله لإرشاد العباد إلى منافعهم, وهى تدل على


(١) الإحياء ١/ ٣٦.
(٢) سورة الأعراف, الآية: ٣١.

<<  <   >  >>