للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يسكن قلبه إلا إلى شكله انتهى، وقال في المقاصد: رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة مرفوعًا، وهو عند البخاري في الأدب المفرد عن [سهيل بل علَّقَه] في صحيحه عن عائشة أنها سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورواه أبو داود عن عمرة قالت: كانت امرأة مكية بطالة تضحك النساء وتغني وكانت امرأة بالمدينة مثلها، فقدمت المكية المدنية فتعارفتا, فدخلتا على عائشة فتعجبت من اتفاقهما فقالت عائشة للمكية: عرفت هذه؟ قالت: لا ولكنا التقينا فتعارفنا فضحكت عائشة وقالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "الأرواح جنود ... " الحديث، وأخرجه أبو يعلى نحوه، والزبير بن بكار عن عائشة أن امرأة كانت بمكة تدخل على نساء قريش تضحكهن، فلما هاجرن ووسع الله دخلت المدينة، قالت عائشة: فدخلت علي، فقلت لها: فلانة، ما أقدمك؟ قالت: إليكن. قالت: فأين نزلت؟ قالت: على فلانة امرأة كانت تضحك بالمدينة، قالت عائشة: ودخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "فلانة المضحكة عندكم! " قالت عائشة: نعم فقال: "فعلى من نزلت؟ " قالت: على فلانة المضحكة. قال: "الحمد لله رب العالمين, إن الأرواح جنود مجندة ... " الحديث, وأفادت هذه الرواية بيان سبب الحديث، وفي الباب سلمان وابن عباس وابن عمر وعمر وعلي وأبو الفضل وابن مسعود لكن لفظ ابن مسعود عند العسكري مرفوعًا: الأرواح جنود مجندة تلتقي فتشامّ كما تشامّ الخيل فما تعارف منها ائتلف, وما تناكر منها اختلف، فلو أن رجلًا مؤمنًا جاء إلى مجلس فيه مائة منافق, وليس فيهم إلا مؤمن واحد لجاء حتى يجلس إليه، ولو أن منافقًا جاء إلى مجلس فيه مائة مؤمن وليس فيه إلا منافق لجاء حتى جلس إليه, وأخرجه الديلمي بلا سند عن معاذ مرفوعًا بلفظ: لو أن رجلًا مؤمنًا دخل مدينة فيها ألف منافق ومؤمن واحد لشم روحه روح ذلك المؤمن وعكسه, ويشهد له ما سيأتي من حديث: المرء على دين خليله، وما في الحلية في ترجمة أويس لما اجتمع بهرم بن حيان العبدي، ولم يكن لقيه وخاطبه أويس باسمه، قال له هرم: من أين عرفت اسمي واسم أبي؟ فوالله ما رأيتك قط؛ ولا رأيتني! قال: عرفت روحي روحك حيث كلمت نفسي نفسك؛ لأن الأرواح لها أنفس كأنفس الأجساد، وإن المؤمنين يتعارفون بروح الله وإن نأت بهم الدار ووفت بهم المنازل، وما أحسن ما قال الشهاب بن أسعد التنوخي:

إن القلوب لأجناد مجندة ... قول الرسول فمن ذا فيه يختلف

فما تعارف منها فهو مؤتلف ... وما تناكر منها فهو مختلف

<<  <  ج: ص:  >  >>