الحمد لله الذي نصر نبيه وخليله محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بالرعب مسيرة شهر، وجعل النصر حليف من اتبعه إلى آخر الدهر، وصلى الله على عبده ورسوله محمدٍ وآله وصحبه، وسلم صلاة وسلامًا دائمَيْنِ بلا حَصْر.
أما بعد:
فقد مضت سنة الله -تَعَالى- التي لا تتبدل أن يعارض أهلُ الباطل أهلَ الحق الداعن إليه، وأن يشنعوا عليهم، ويثيروا الشبه والشكوك حولهم ليصدوا عن سبيل الله، ويبغوها عوجًا.
ولأن دعواتِ الإصلاح والتجديد لا ترضى بالحلول الوسط، ولا بأنصاف الحلول، فإنها تصارع المعتقداتِ الفاسدة، وتلقي في أول أمرها مقاومة عنيفة كرد فعل دفاعي من خصومها، إذ إنها حين تصطدم بالمألوف "المُتكَلِّس" وتحاول تغييره، فإنها تتحدى أهلَه والمنتفعين به، وتستفزهم مهما كانت فدائية ومنقذة لهم، تلك طبيعة الأشياء، ولذلك جابههت دعوة التجديد التي أنار شعلتهاَ شيخُ الإسلام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى- حالة عدم الانقياد والتصلب التي أظهرها معارضوه، ولم تقتصر تلك الحالة على شَهْر السلاح في وجه هذه الدعوة وتجييشِ الجيوش، بل انضم إليها أقلام متعصبة حاولت مسخ حقيقتها، وتشويه صورتها بالافتراء والكذب.
لقد تسرع الكثيرون في الحكم على الشيخ، ولعل بعضهم لم يقرأ للشيخ أصلًا، وإنما قرأ عنه من أعدائه، ولعبت السياسة دورًا في هذا، لا سيما السياسة