للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانياً: رقة قلبه - صلى الله عليه وسلم - وبُكاؤه في الصلاة، وفي مواطن كثيرة:

لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يبكي بشهيقٍ ورفع صوتٍ، كما لم يكن ضحكه قهقهة، ولكن كانت تدمع عيناه حتى تَهمُلا، ويُسْمَعُ لصدره أزيز، وكان بكاؤُه تارة رحمة للميت، وتارة خوفاً على أمته، وشفقة عليها، وتارة من خشية الله تعالى، وتارة عند سماع القرآن، وهو بكاء اشتياقٍ ومحبةٍ وإجلالٍ (١).

ومن الحالات التي بكى فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يأتي:

١ - بكاؤه من خشية الله في صلاة الليل، فقال بلال: يا رسول الله لِمَ تبكي وقد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخر، قال: "أفلا أكون عبداً شكوراً، لقد نزلت عليّ الليلة آية، ويل لمن قرأها ولم يتفكّر فيها: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} " (٢) (٣).

٢ - بكاء النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة من خشية الله تعالى، فعن عبد الله بن


(١) انظر: زاد المعاد، لابن القيم، ١/ ١٨٣. حيث ذكر في ذلك روايات تدعم قوله، منها: البخاري، رقم، ١٣٠٣، ١٣٤٢، ٤٥٨٢، ومسلم، رقم ٨٠٠، و٢٣١٥، وأبو داود، رقم ١١٩٤، و٣١٢٦، والنسائي، رقم ١٣٨.
(٢) سورة آل عمران، الآية: ١٩٠.
(٣) ابن حبان في صحيحه، برقم ٦٢٠، وقال شعيب الأرنؤوط: ((إسناده صحيح على شرط مسلم))، وقال الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم ٦٨: ((وهذا إسناد جيد)).

<<  <   >  >>