للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث السادس: حكم الخشوع في الصلاة]

الخشوع في الصلاة واجب على الصحيح (١)

للأدلة الآتية:


(١) قال الإمام بن القيم رحمه الله: ((فإن قيل: ما تقولون في صلاة من عدم الخشوع، هل يعتدُّ بها أم لا؟ قيل: أما الاعتداد في الثواب: فلا يعتدُّ له بها إلا بما عقل فيه منها، وخشع فيه لربه، قال ابن عباس: ((ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها)) [ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في المجلد الثاني عشر- قسم التفسير، ولم يعزه لكتاب، وكذلك ذكره الإمام ابن القيم في مدارج السالكين، ١/ ٥٢٥، وفي تفسيره المجموع له، وذكره السعدي في تفسيره تفسير اللطيف المنان، ٢/ ٧٨ بقوله: ((وفي الحديث ... ))، وفي المسند مرفوعاً ((إِنَّ الْعَبْدَ لَيُصَلِّي الصَّلَاةَ مَا يُكْتَبُ لَهُ مِنْهَا إِلَّا: عُشْرُهَا، تُسْعُهَا، ثُمُنُهَا، سُبُعُهَا، سُدُسُهَا، خُمُسُهَا، رُبُعُهَا، ثُلُثُهَا، نِصْفُهَا)) [المسند، ٣١/ ١٨٩، برقم ١٨٨٩٤، وحسن الألباني حديث أبي داود في صحيح أبي داود، برقم ٧٦١، وقال: ((قلت [الشيخ الألباني]: حديث حسن، وأخرجه أحمد بإسناد صححه الحافظ العراقي))، وتصحيح الحافظ العراقي له في تخريجه لأحاديث إحياء علوم الدين، ١/ ١٧٢]، وقد علق الله فلاح المصلين بالخشوع في صلاتهم، فدل على أن من لم يخشع فليس من أهل الفلاح، ولو اعتدَّ له بها ثواباً كان من المفلحين.

وأما الاعتداد بها في أحكام الدنيا وسقوط القضاء: فإن غلب عليها الخشوع، وتعقلها اعتدّ بها إجماعاً، وكانت السنن والأذكار عقيبها جوابر ومكملات لنقصها.
وإن غلب عليه عدم الخشوع، وعدم تعقلها، فقد اختلف الفقهاء في وجوب إعادتها)) ثم ذكر رحمه الله قولين لأهل العلم:
القول الأول: وجوب إعادتها، وبه قال أبو عبد الله بن حامد من أصحاب أحمد وغيره؛ لأن صلاة لا يثاب عليها، ولم يضمن له فيها الفلاح لم تبرأ ذمته منها؛ ولأن الخشوع روح الصلاة، ومقصودها، ولبّها، فكيف يعتدُّ بصلاة فقدت روحها ولبها، وبقيت صورتها وظاهرها؟.
والقول الثاني: لا تجب إعادتها؛ لما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من أحكام سجود السهو، وأن منه ما هو ترغيم للشيطان، والخشوع إنما هو لرفعة الدرجات؛ ولحصول ثواب الله العاجل والآجل، ومرافقة المقربين، وهذا يفوت بفوات الحضور والخضوع، وإن الرجلين يكون مقامهما في الصف واحداً، وبين صلاتيهما كما بين السماء والأرض، فإن أراد أن يعيد صلاته لهذه الثمرات، فذلك إليه إن شاء أن يحصِّلها، وإن شاء أن يفوِّتها على نفسه، أما كوننا نلزمه بإعادتها، ونعاقبه على تركها، ونرتّب عليه أحكام تارك الصلاة، فلا. ويرى ابن القيم رحمه الله أن حجج الفريق الأول قوية وظاهرة، ولكنه قال: (( ... القول الثاني أرجح القولين)) مدارج السالكين ١/ ٥٢٥ - ٥٣٠.

<<  <   >  >>