للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طرقكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة)) ثلاث مرار، وفي لفظ:

((يا حنظلة ساعة وساعة، لو كانت تكونُ قلوبكم كما تكون عند الذكر لصافحتكم الملائكة حتى تسلّم عليكم في الطرق)) (١).

ويشعر صاحب هذه الدرجة من الخشوع بتقصير، وتفريط، فيسأل الله تعالى من فضله راغباً، ويستعيذ من عذابه راهباً، يدفعه إلى ذلك تأثّره؛ ولهذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الليل: ((إذا مرَّ بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مرَّ بسؤال سأل، وإذا مرَّ بتعوُّذ تعوَّذ ... )) (٢).

ومن أصحاب هذه الدرجة من قال الله عنهم: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} (٣)، قالت عائشة:

يا رسول، أهو الذي يزني، ويسرق، ويشرب الخمر؟ قال: ((لا يا ابنة أبي بكر))، أو ((يا بنت الصديق)) ولكنه الرجل يصوم، ويتصدّق، ويُصلّي، وهو يخاف أن لا يُتقبَّل منه)) (٤).

وهذه الدرجات الثلاث لعلّ ابن القيم يعنيها في الأقسام الثلاثة الأخيرة من مراتب الناس الخمسة في الصلاة، فقد ذكر أن القسم الثالث من حافظ على حدود الصلاة وأركانها، وجاهد نفسه في دفع


(١) مسلم، كتاب التوبة، باب فضل دوام الذكر والفكر في أمور الآخرة، برقم ٢٧٥٠.
(٢) مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل، برقم ٧٧٣، من حديث حذيفة - رضي الله عنه -.
(٣) سورة المؤمنون، الآية: ٦٠.
(٤) ابن ماجه، كتاب الزهد، باب التوقي في العمل، برقم ٤١٩٨، والترمذي، كتاب تفسير القرآن، بابٌ ومن سورة المؤمنون، برقم ٣١٧٥، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه، ٢/ ٤٠٩، وفي سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم ١٦٢.

<<  <   >  >>