للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منهم التابعي الجليل سعيد بن المسيَّب رحمه الله الذي ذُكر عنه أنه صلَّى الغداة بوضوء العشاء خمسين سنة (١)، هذا وهو إمام التابعين، وسيِّدُهم، فليس في فعله منكرٌ ينكر عليه، ثم إن ذلك ليس لسنةٍ ولا سنتين، ولو فرضنا أن العدد المذكور مبالغٌ فيه، فلن تكون الحقيقة أقل من النصف منه.

* وَصَلَّى سليمان التيمي البصري رحمه الله (٢) الصبح بوضوء العشاء أربعين سنة (٣)، ويقال فيه كما قيل فيما قبله.

ولكن سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - هي المُتَّبعة، ولم يكن يفعل ذلك، فعن أنس - رضي الله عنه - قال: ((جاء ثلاثة رهطٍ إلى بيوت أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، يسألون عن عبادة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما أُخبروا كأنهم تقالُّوها، فقالوا: وأين نحن من النبي - صلى الله عليه وسلم -!؟ قد غفر الله له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّرَ، فقال أحدهم: أمَّا أنا فأصلِّي الليل أبداً، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخرُ: أنا أعتزل النساء، ولا أتزوج أبداً، فجاء إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله، وأتقاكم له، لكنِّي أصوم وأفطر، وأُصلِّي وأرقد، وأتزوّج النساء، فمن رغب


(١) وفيات الأعيان لابن خلكان، ٢/ ٣٧٥، والمدهش لابن الجوزي، ص ٤٣١، ومرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة حوادث الزمان، لليافعي، ١/ ٨٤،ومنظومة مصباح الراوي، عبد الله بن فودي، ص ٢١٥.
(٢) توفي رحمه الله ١٤٣ هـ. الثقات لابن حبان، ٤/ ١٠٣، تذكرة الحفاظ، ١/ ١١٣.
(٣) ذكر صلاة الفجر بوضوء العشاء مصادر كثيرة، منها: الطبقات الكبرى لابن سعد،
٧/ ٢٥٢، شعب الإيمان للبيهقي، ١/ ١٦٠، وحلية الأولياء، لأبي نعيم، ٣/ ٢٨، وإحياء علوم الدين للغزالي، ١/ ٣٥٦ ..

<<  <   >  >>