للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ} (١).

٢ - كثرة ذكر الله تعالى بالقلب مع اللسان، من أعظم أسباب سلامة القلوب من القسوة والأمراض المعنوية؛ فإن من أسباب قسوة القلوب كثرة الكلام بغير ذكر الله تعالى؛ لحديث عبد الله بن عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تُكْثِرُوا الكَلاَمَ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ، فإنَّ كَثْرَةَ الكَلامِ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعالى قَسْوَةٌ للْقَلْبِ، وَإنَّ أبْعَدَ النَّاسِ مِنَ اللَّهِ تَعالى القَلْبُ القَاسِي)) (٢).

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: (( ... وَلَا رَيْبَ أَنَّ القَلْبَ يَصْدَأُ كَمَا يَصْدَأُ النُّحَاسُ، وَالفِضَّةُ، وَغَيْرُهُمَا، وَجَلَاؤُهُ بِالذِّكْرِ، فَإِنَّهُ يَجْلُوهُ حَتَّى يَدَعَهُ كَالمِرْآةِ البَيضَاءِ؛ فَإِذَا تَرَكَ الذِّكْرَ صَدِئَ، فَإِذَا ذَكَرَ جَلَاهُ، وَصَدَأُ القَلْبِ بِأَمْرَيْنِ: بِالغَفْلَةِ وَالذَّنْبِ، وَجَلَاؤُهُ بِشَيْئَيْنِ: بِالاسْتِغْفَارِ وَالذِّكْرِ)) (٣).

وقد بين الله - عز وجل -: أن بذكره تطمئن القلوب، فقال سبحانه: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (٤).

وأعظم الذكر: القرآن الكريم، قال الله تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ


(١) سورة المائدة، الآية: ١٣.
(٢) الترمذي، كتاب الزهد، بابٌ: منه، برقم ٢٤١١، وقال: ((حسن غريب))، وحسّن إسناده عبد القادر الأرنؤوط في تحقيقه للأذكار للنووي، ص٢٨٥.
(٣) الوابل الصيب، ص٨٢.
(٤) سورة الرعد الآية: ٢٨.

<<  <   >  >>