للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يسرق؟)) (١).

والعبد إذا قام في الصلاة، غار الشيطان منه؛ فإنه قد قام في أعظم مقام، وأقربه، وأغيظه للشيطان، وأشده عليه، فهو يحرص، ويجتهد كل الاجتهاد أن لا يقيمه فيه؛ بل لا يزال به يَعِدُه، ويمنّيه، وينسيه، ويجلب عليه بخيله ورجله، حتى يهوّن عليه شأن الصلاة، فيتهاون بها فيتركها، فإن عجز عن ذلك منه، وعصاه العبد، وقام في ذلك المقام، أقبل عدو الله تعالى حتى يخطر بينه وبين نفسه، ويحول بينه وبين قلبه، فيذكّره في الصلاة ما لم يكن يذكر قبل دخوله فيها، حتى ربما كان قد نسي الشيء، والحاجة، وأيس منها، فيُذكِّره إيَّاها في الصلاة؛ ليشغل قلبه بها، ويأخذه عن الله - عز وجل -، فيقوم فيها بلا قلب، فلا ينال من إقبال الله تعالى، وكرامته، وقربه ما يناله المقبل على ربه - عز وجل - الحاضر بقلبه في صلاته، فينصرف من صلاته، مثلما دخل فيها بخطاياه، وذنوبه، وأثقاله، لم تُخَفَّفْ عنه بالصلاة، فإن الصلاة إنما تكفِّر سيئات من أدَّى حقَّها، وأكمل خشوعها، ووقف بين يدي الله تعالى بقلبه وقالبه (٢).

ولمواجهة كيد الشيطان، وإذهاب وسوسته، أرشدنا النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى العلاج الآتي: عن أَبِي الْعَاصِ - رضي الله عنه - قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ صَلَاتِي وَقِرَاءَتِي، يَلْبِّسُهَا عَلَيَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ خَنْزَبٌ، فَإِذَا أَحْسَسْتَهُ فَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْهُ، وَاتْفِلْ


(١) الوابل الصيب، ص: ٤٣، وتقدم.
(٢) الوابل الصيب لابن القيم، ص: ٣٦ - ٣٧.

<<  <   >  >>