للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بآية وهو محتاج إليها في شفاء قلبه كررها ولو مائة مرة، ولو ليلة، فقراءة آية بتفكُّرٍ وتفهُّمٍ خير من قراءة ختمةٍ بغير تَدَبُّرٍ وتفَهُّمٍ، وأنفع للقلب، وأدعى إلى حصول الإيمان، وذوق حلاوة الإيمان والقرآن، وهذه كانت عادة السلف يُردِّد أحدهم الآية إلى الصباح، وقد تقدم أنه ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قام بآية يُردِّدُها إلى الصباح وهي قوله تعالى: {إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم} (١).

وقد أخبر الله تعالى في القرآن: أن أهل العلم هم الذين ينتفعون بالقرآن، فقال تعالى: {وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُون} (٢)،وفي القرآن الكريم بضعة وأربعون مثلاً (٣)، وقد كان بعض السلف الصالح، وهو عمرو بن مرة: إذا مرَّ بِمَثَلٍ من أمثال القرآن ولم يفهمه يبكي ويقول: ((لست من العالمين)) (٤)،ولابد لمن تدبر القرآن أن يجاهد بقلبه وفكره؛ لينال هذا العلم العظيم، وقد قال يحيى بن أبي كثير: ((لا يُنال العلم براحة الجسم)) (٥)، ولا ينال العلم إلا بهجر اللذات وتطليق الراحة، ولا ينال درجة وراثة النبوة مع الراحة (٦).


(١) انظر: مفتاح دار السعادة، ١/ ٥٥٣ - ٥٥٤، والآية من سورة المائدة، آية: ١١٨.
(٢) سورة العنكبوت، الآية: ٤٣.
(٣) أعلام الموقعين، لابن القيم، ١/ ١٦٣ - ٢١١، جمع رحمه الله جميع الأمثال في القرآن هناك، وانظر: مفتاح دار السعادة لابن القيم، ١/ ٢٢٦.
(٤) مفتاح دار السعادة، لابن القيم، ١/ ٢٢٦.
(٥) صحيح مسلم، برقم ١٧٥ - (٦١٢) ..
(٦) ابن القيم، في مفتاح دار السعادة، ١/ ٤٤٦.

<<  <   >  >>