للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لربِّه تعالى، حيث جعل العبد أشرف أعضائه وأعزّها عليه، وأعلاها عليه، حقيقة أوضع ما يمكنه، فيضعه في التراب مُتعفِّراً، ويتبع ذلك انكسار القلب، وتواضعه, وخشوعه لله - عز وجل -؛ ولهذا كان جزاء المؤمن إذا فعل ذلك أن يقرِّبه الله - عز وجل - إليه؛ فإن ((أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء)) (١)، كما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

والسجود أيضاً مما كان يأنفه المشركون المستكبرون عن عبادة الله - عز وجل -، وكان بعضهم يقول: أكره أن أسجد فتعلوني استي، وبعضهم يأخذ كفاً من حصىً فيرفعه إلى جبهته، ويكتفي بذلك عن السجود، وإبليس إنما طرده الله لمّا استكبر عن السجود، لمن أمره الله بالسجود له (٢).

قال الراغب الأصفهاني رحمه الله: ((السجود: أصله التطامن والتذلّل، وجُعل ذلك عبارة عن التذلّل لله وعبادته.

وهو عام في الإنسان، والحيوان، والجمادات، وذلك ضربان:

سجود باختيار، وليس ذلك إلا للإنسان، وبه يستحق الثواب.

وسجود تسخير وهو: للإنسان، والحيوان، والنبات)) (٣).

وسجود التسخير يعم كل شيء {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} (٤).


(١) مسلم، كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع أو السجود، برقم ٤٨٢.
(٢) انظر: الخشوع في الصلاة لابن رجب، ص٢٦.
(٣) مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني، ص٣٩٦.
(٤) سورة النحل، الآية: ٤٩.

<<  <   >  >>