للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات، اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم)) (١).

قوله: ((المأثم والمغرم)): المأثم هو الأمر الذي يأثم به الإنسان، أو هو الإثم نفسه، والمغرم هو الدَّين، بدليل تمام الحديث: فقال له قائل: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم يا رسول الله فقال: ((إن الرجل إذا غرم: حَدَّث فكذب، ووعد فأخلف))، ويُراد به ما استدين فيما يكرهه الله تعالى، أو فيما يجوز، ثم عجز عن أدائه، فأما دينٌ احتيج إليه شرعاً، ويقدر على أدائه فلا يستعاذ منه (٢).

٢ - ((اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً، ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم)) (٣).

قوله: ((اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً)): فيه أن الإنسان كثير التقصير، وإن كان صدِّيقاً؛ لأن النعم عليه كثيرة، وقوته لا تطيق بأداء أقل القليل من شكرها، بل شكره من جملة النعم - أيضاً-، فيحتاج إلى شكر هو أيضاً، فما بقي له إلا العجز والاعتراف بالتقصير الكثير.

وقُدِّم هذا الاعتراف على سؤال المغفرة تأدُّباً، كما وقع لأبينا آدم وأُمِّنا حواء عليهما السلام في قوله تعالى: {قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِين} (٤).


(١) متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب الدعاء قبل السلام، برقم ٨٣٢، ومسلم، كتاب المساجد، باب ما يستعاذ منه في الصلاة، برقم ٥٨٩.
(٢) المنهل العذب، ٥/ ٣٢٩.
(٣) البخاري، كتاب الأذان، باب الدعاء قبل السلام، برقم ٨٣٤، ومسلم، كتاب المساجد، باب ما يستعاذ منه في الصلاة، برقم ٥٨٩.
(٤) سورة الأعراف، الآية: ٢٣.

<<  <   >  >>