للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا قال: ((أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)) فقد أوى إلى ركنه الشديد، واعتصم بحوله وقوته من عدوِّه الذي يريد أن يقطعه عن ربه، ويبعده عن قربه؛ ليكون أسوأ حالاً.

فإذا قال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} وقف هُنَيْهَةً يسيرة ينتظر جواب ربه له بقوله: ((حمدني عبدي) فإذا قال: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} انتظر الجواب بقوله: ((أثنى عليَّ عبدي)) فإذا قال: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} انتظر جوابه: ((مَجَّدني عبدي)) فيا لّذة قلبه، وقرّة عينه، وسرور نفسه بقول ربه: عبدي ثلاث مرات، فوالله لولا ما على القلوب من دخان الشهوات، وغيم النفوس، لاستطيرت فرحاً وسروراً بقول ربها، وفاطرها، ومعبودها: ((حمدني عبدي، أثنى عليَّ عبدي، مجدني عبدي)) ...

فإذا قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [انتظر جواب ربه بقوله: ((هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل))]، ففيها سر الخلق والأمر، والدنيا والآخرة، وهي متضمنة لأجلّ الغايات، وأفضل الوسائل، فأجل الغايات عبوديته، وأفضل الوسائل إعانته، فلا معبود يستحق العبادة إلا هو، ولا معين على عبادته غيره، فعبادته أعلى الغايات، وإعانته أجلّ الوسائل.

فإذا قال: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ* صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} انتظر جواب ربه بقوله: ((هذا لعبدي، ولعبدي ما سأل)) ثم يشهد الداعي شدة فاقته، وضرورته إلى هذه المسألة التي ليس هو إلى شيء أشدّ فاقة، وحاجة منه إليها البتة؛ فإنه محتاج إليه في كل نَفَسٍ، وطرفة عين، وهذا المطلوب من

<<  <   >  >>